للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكرَهُ الحافِظُ ابنُ حجرٍ في "التلخيصِ" (١) ولم يتكلَّم عليهِ بشيءٍ، وذكَرَ في الفتحِ (٢) أنه أخرجَهُ أبو داودَ والحاكمُ بإسنادٍ حسنٍ.

وروى البيهقي (٣) من طريقِ عيسى الخيَّاطِ (٤) قال: قلتُ للشعبي: إنِّي لأعجبُ لاختلافِ أبي هريرةَ وابن عمرَ، قال نافعٌ عن ابن عمرَ: دخلتُ إلى بيتِ حفصةَ فحانتْ مِني التفاتةٌ، فرأيتُ كنيفَ رسولِ اللهِ مستقبلَ القِبلَةِ. وقالَ أبو هريرةَ: إذا أَتَى أحَدُكم الغائِطَ فلا يستقبلِ القبلة ولا يستدبِرْهَا، قالَ الشعبيُّ: صدَقا جميعًا، أما قولَ أبي هريرةَ فهوَ في الصَّحْراءِ، فإنَّ للَّهِ عبادًا ملائكةً وجِنًّا يصلُّونَ، فلا يستقبلُهم أحدٌ ببولٍ ولا غائطٍ، ولا يستدبرُهم، وأما كُنفكُم هذهِ فإنَّما هي بيوتٌ بُنيتْ لا قِبلةَ فيها، وأخرجَهُ ابنُ ماجه (٥) مختصرًا.

وقولُ ابن عمرَ يدلُّ على أن النهيَ عن الاستقبالِ والاستدبارِ إنما هو في الصحراءِ معَ عدمِ الساترِ، وهو يصلُحُ دليلًا لمن فرَّقَ بينَ الصَّحْراءِ والبنيانِ، ولكنَّه لا يدلُّ على المنعِ في الفضاءِ على كلِّ حالٍ كما ذهبَ إليه البعضُ، بل معَ عدمِ الساترِ، وإنما قلْنا بصلاحيتِهِ للاستدلالِ لأنَّ قولَه: إنما نُهيَ عن هذا في الفضاءِ يدلُّ على أنّهُ قدْ عَلِمَ ذلكَ مِنْ رسولِ اللهِ ، ويحتملُ أنه قالَ ذلكَ استنادًا إلى الفعلِ الذي شاهدَهُ ورواهُ، فكأنَّه لما رأى النبي في بيتِ حفصةَ مستدبرًا للقبلةِ فَهِمَ اختصاصَ النهي بالبنيانِ، فلا يكونُ هذا الفهمُ حُجةً، ولا يصلُحُ هذا القولُ للاستدلالِ بهِ، وأقلُّ شيءٍ الاحتمالُ، فلا ينتهضُ لإِفادةِ المطلوبِ، وقد سُقْنَا في شرحِ أحاديثِ [هذا] (٦) البابِ والذي قبلَهُ من الكلامِ على هذهِ المسأَلة المعضِلةِ أبحاثًا [لا] (٧) تجدُها في غيرِ


(١) (١/ ١٠٤).
(٢) فتح الباري (١/ ٢٤٧) "كما رواه أبو داود والحاكم بسند لا بأس به".
(٣) في السنن الكبرى (١/ ٩٣).
وقال البيهقي: وهكذا رواه موسى بن داود وغيره، عن حاتم بن إسماعيل، إلا أن عيسى بن أبي عيسى الخيَّاط هذا هو عيسى بن ميسرة؛ ضعيف.
(٤) قال الحافظ في "التقريب" رقم (٥٣١٧): عيسى بن أبي عيسى الخيَّاط الغِفاري، أبو موسى المدني، أصلُه من الكوفة، واسم أبيه مَيْسرة، ويقال فيه: الخيَّاط، بالمعجمة والتحتانية، وبالموحدة، وبالمهملة والنون، كان قد عالج الصنائع الثلاث، وهو متروك" اهـ.
(٥) في سننه (١/ ١١٧ رقم ٣٢٣) وهو حديث ضعيف جدًّا.
(٦) زيادة من (أ) و (ب).
(٧) في (جـ): (لم).

<<  <  ج: ص:  >  >>