للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صيغةَ تكونُ فيها النصوصيةُ عليه، وهذا قد تقررَ في الأصولِ، ولم يذهبْ إلى خلافٍ أحدٌ مِنْ أئمتِهِ الفحولِ، ولكنَّ الشأنَ في صحةِ هذا الحديثِ وارتفاعِهِ إلى درجةِ الاعتبارِ، وأينَ هو مِنْ ذاكَ؟

فالإِنصافُ الحكمُ بالمنعِ مطلقًا، والجزمُ بالتحريمِ حتى ينتهضَ دليل يصلُح للنسخِ أو التخصيصِ أو المعارَضَةِ، ولم نقفْ على شيءٍ مِنْ ذلكَ، إلا أنه يُؤنسُ بمذهبِ مَنْ خصَّ المنعَ بالفضاءِ ما سيأتي عن ابن عمرَ مِنْ قولِهِ: إنما نهي عن هذا في الفضاءِ، بالصيغةِ القاضيةِ بحصرِ النهي عليه، وسيأتي ما فيه.

١٥/ ٨٩ - (وعَنْ مَرْوَانَ الأصْفَرِ قال: رَأيْتُ ابْنَ عُمَرَ أناخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ يَبُولُ إليْها، فقُلْتُ: أبا عبدِ الرَّحْمنِ أليْسَ قَد نُهِي عَنْ ذَلِكَ؟ فقالَ: بَلَى، إنَّما نُهِيَ عَنْ هذا في الفَضَاءِ، فإِذا كانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ القبْلةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلا بأسَ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ) (١). [حسن]

أخرجَهُ وسكتَ عنهُ، وقد صحَّ عنهُ أنه لا يسكتُ إلَّا عمَّا هو صالحٌ للاحتجاجِ (٢)، وكذلكَ سكتَ عنهُ المنذري (٣)، ولم يتكلَّم عليهِ في تخريجِ السُّنَنِ.


(١) في السنن (١/ ٢٠ رقم ١١).
قلت: في سنده (الحسن بن ذكوان البصري، أبو سلمة).
قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم (١٢٤٠): "صدوقٌ يُخطئ، ورُمِيَ بالقدرِ وكان يُدَلِّس". وفي هذا الحديث قد عنعن. فيكون هذا الإسناد ضعيف.
وأخرجه الحاكم (١/ ١٥٤) وقال: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
قلت: الحسن بن ذكوان إنما أخرج له البخاري متابعة وقد صرح الحسن بن ذكوان هنا بالتحديث فانتفت علة التدليس.
وقد حسَّنه الإمام النووي في "الخلاصة" (١/ ١٥٤). والألباني في صحيح أبي داود رقم (٨/ ١١).
وخلاصة القول أن الحديث حسن، والله أعلم.
(٢) قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه (ص ٢٧ - ٢٨) تحقيق: د/ محمد الصباغ: "وما كان في كتابي من حديث فيه وهنٌ شديد فقد بيَّنته. وفيه ما لا يصح سنده. وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح. وبعضها أصحُّ من بعض" اهـ.
وانظر كتاب: "توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار" للإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني (١/ ١٩٦ - ٢١٨ مسألة ١٣) في بيان شرط أبي داود هذا. فقد أجاد وأفاد.
(٣) في "مختصر سنن أبي داود" للحافظ المنذري (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>