للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو ثقةٌ عن خالدِ بن أبي الصَّلتِ، وهو مجهولٌ لا ندري مَنْ هوَ، وأخطأَ فيه عبدُ الرزاقِ، فرواهُ عن خالدٍ الحذاءِ عن كثيرِ بن الصَّلتِ، وهذا أبطلُ؛ وأبطلُ لأنَّ خالدًا الحذاءَ لم يُدرِكْ كثيرَ بنَ الصَّلتِ، ثم لو صحَّ لما كانتْ فيهِ حجةٌ لأن نصَّهُ يبيِّنُ أنهُ إنما كانَ قبلَ النهي، لأنَّ مِنَ الباطلِ المحالِ أنْ يكونَ رسولُ اللهِ نهاهُم عن استقبال القبلةِ بالبولِ والغائطِ، ثم ينكرُ عليهم طاعتَهُ في ذلكَ، هذا ما لا يظنهُ مسلمٌ ولا ذُو عقلٍ، وفي هذا الخبر إنكارُ ذلكَ عليهم، فلو صَحَّ لكانَ منسوخًا بلا شكٍّ، ثم لو صحَّ لما كانَ فيهِ إلا إباحةُ الاستقبالِ فقط لا إباحةُ الاستدبارِ أصلًا فبطَلَ تعلُّقهُم به"، انتهى.

وقالَ الذهبيُّ في "الميزان" (١) في ترجمةِ "خالدِ بن أبي الصلتِ": إنَّ هذا الحديثُ منكرٌ.

وقالَ النوويُّ في "شرحِ مسلم" (٢): إنَّ إسنادَهُ حسنٌ.

والحديثُ استدلَّ بهِ مَنْ ذهبَ إلى النسخِ، وقد عرَّفناكَ أنه لا دليلَ يدلُّ على الجوازِ إلا هذا الحديثُ؛ لأنهُ لا يصخ دعوى اختصاصهِ بالنبيِّ لقوله: "أوَقدْ فعلُوهَا".

وأما حديثُ ابن عمرَ وجابرٍ فقدْ قررْنَا لكَ أن فِعلَهُ لا يعارضُ القولَ الخاصَّ بالأمَّةِ.

وقوله: (لا تَستقبِلوا، لا تستدبِروا) مِنَ الخطاباتِ الخاصَّةِ بِهمْ فيكونُ فِعلُه بعدَ القولِ دليلَ الاختصاصِ بهِ لعدمِ شمولِ ذلكَ الخطابِ له بطريقِ الظهورِ، ولا


(١) (١/ ٦٣٢ رقم ٢٤٣٢).
(٢) (٣/ ١٥٤).
وخلاصة القول أن الحديث منكر. وقد قال المحدث الألباني في "الضعيفة" رقم (٩٤٧): وهذا سند ضعيف، وفيه علل كثيرة:
(الأولى): الاختلاف على حماد بن سلمة.
(الثانية): الاختلاف عى خالد الحذاء، وهو ابن مهران.
(الثالثة): جهالة خالد بن أبي الصلت.
(الرابعة): مخالفته للثقة.
(الخامسة): الانقطاع بين عراك وعائشة.
(السادسة): النكارة في المتن". اهـ.
قلت: وقد تكلم المحدث الألباني على هذه العلل بالتفصيل الممتع فانظرها إذا شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>