للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبدِ البر (١) بأَبانَ بن صالح القرشيِّ، قالَ الحافظُ (٢): "ووهِمَ في ذلكَ فإنه ثِقةٌ بالاتفاقِ، وادعى ابنُ حزمٍ (٣) أنه مجهولٌ فغلِطَ".

والحديثُ استدلَّ بِه مَنْ قالَ بجوازِ الاستقبالِ والاستدبارِ في الصحارى والعمرانِ وجعلَهُ ناسِخًا، وفيه ما سلَفَ إلَّا أن الاستدلالَ بهِ أظهرُ مِنَ الاستدلالِ بحديثِ ابن عمرَ. لأنَّ فيه التصريحَ بتأخُّرِهِ عن النهي، ولا تصريحَ في حديثِ ابن عمر، ولعدَمِ تقييدِهِ بالبنيانِ كما في حديثِ ابن عمرَ، ولعدمِ ما يدلُّ على أن الرؤيةَ كانتْ اتفاقيةً بخلافِ حديثِ ابن عمرَ، وهو يَرُدُّ على من قالَ بجواز الاستدبارِ فقط، سواءٌ قيَّدهُ بالبنيانِ كما ذهبَ إليه البعض أو لم يقيدْهُ كما ذهب إليه آخرون، وقد سبقَ ذِكْرُهُمُ في الباب الأوّل، ويردُّ أيضًا على من قيَّدَ جوازَ الاستقبالِ والاستدبارِ بالبنيانِ لعدمِ التقييدِ مِنْ جابرٍ، وقدْ يُجابُ بأنها حكايةُ فعلٍ لا عمومَ لها فَيُحْتملُ أن يكونَ لعذرٍ وأن يكونَ في بنيانٍ، هكذا أجابَ الحافظُ ابنُ حجرٍ، ذكرَ ذلكَ في التلخيص (٤)، ولا يخفى أنَّ احتمالَ أنْ يكونَ ذلكَ الفعلُ لِعُذْرٍ يقالُ مثلُه في حديثِ ابن عمرَ فلا يتمُّ للشافعيةِ ومَنْ معهُم الاحتجاجُ بهِ على تخصيصِ الجوازِ بالبنيانِ. وقد تقدمَ الكلامُ على الحديثِ في الذي قبلهُ وفي البابِ الأوَّلِ.

١٤/ ٨٨ - (وَعَن عائِشَةَ قالتْ: ذُكِرَ لِرَسُولِ الله أن ناسًا يَكْرَهُونَ أن يَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِفُرُوجِهِمْ فقالَ: "أو قَدْ فَعَلُوها، حَوِّلُوا مَقْعَدَتِي قِبَلَ القِبْلةِ". رَوَاهُ أحْمَد (٥) وَابْنُ ماجَهْ) (٦). [منكر]

الحديثُ قالَ ابن حزمٍ في المحلَّى (٧): "إنُه ساقِطٌ لأَنَّ راويهِ خالدٌ الحذاءُ،


(١) انظر: "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر" (٣/ ١٠٨، ١٠٩، ١١٠).
(٢) في "التلخيص" (١/ ١٠٤).
(٣) انظر: "المحلى" (١/ ١٩٨). وخلاصة القول أن حديث جابر حسن، والله أعلم.
(٤) (١/ ١٠٤).
(٥) في المسند (٦/ ١٣٧، ٢١٩، ٢٢٧، ٢٣٩).
(٦) في السنن (١٠/ ١١٧ رقم ٣٢٤).
(٧) (١/ ١٩٦ - ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>