للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقال بعض السلف: يجب القيام، واحتجّ له برواية النسائي (١) عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما قالا: "ما رأينا رسول الله شهد جنازة قط فجلس حتى توضع" انتهى.

ولا يخفى أن مجرّد الفعل لا ينتهض دليلًا للوجوب، فالأولى الاستدلال له بحديث الباب، فإن فيه النهي عن القعود قبل وضعها، وهو حقيقة للتحريم وترك الحرام واجب.

ومثل ذلك حديث أبي هريرة عند أحمد (٢) مرفوعًا: "من صلى على جنازة ولم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه، فإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع".

وروى الحافظ (٣) عن الشعبي (٤) والنخعي (٤) أن القعود مكروه قبل أن توضع.

ومما يدلّ على الاستحباب ما رواه البيهقي (٥) عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما أن القائم مثل الحامل، يعني في الأجر.

قوله: (حتى توضع في الأرض) قد ذكر المصنف كلام أبي داود (٦) في ترجيح هذه الرواية على الرواية الأخرى، أعني قوله: حتى توضع في اللحد.

وكذلك أشار البخاري (٧) إلى ترجيحها بقوله: باب من شهد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال.

وأخرج أبو نعيم (٨) عن سهيل قال: رأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال وهذا يدلّ على أن الرواية الأولى أرجح لأن أبا صالح راوي الحديث وهو أعرف بالمراد منه.


(١) في السنن رقم (١٩١٨) بسند حسن.
(٢) في المسند (٢/ ٢٦٥) بسند ضعيف، لكن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(٣) في "الفتح" (٣/ ١٧٩).
(٤) أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٣٠٩) من طريق مغيرة عن النخعي والشعبي.
(٥) في السنن الكبرى (٤/ ٢٧).
(٦) عقب الحديث رقم (٣١٧٣).
(٧) في صحيحه (٣/ ١٧٨ باب رقم (٤٨) - مع الفتح).
(٨) لم أقف عليه في الحلية؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>