للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللطبراني (١) والبيهقي (٢) من وجه آخر عنه كراهية أن يعلو على رأسه، فإن ذلك لا يعارض الأخبار الأولى الصحيحة.

أما أوّلًا فلأن أسانيد هذه لا تقاوم تلك في الصحة.

وأما ثانيًا فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من لفظ النبيّ ، وكأن الراوي لم يسمع التصريح بالتعليل منه فعلل باجتهاده، ومقتضى التعليل بقوله: "أليست نفسًا"، أن ذلك يستحبّ لكل جنازة.

واختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أحمد (٣) وإسحاق (٤) وابن حبيب (٥) وابن الماجشون (٥) [إلى] (٦) أن القيام للجنازة لم ينسخ، والقعود منه كما في حديث عليّ الآتي (٧) إنما هو لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر.

وكذا قال ابن حزم (٨): إن قعوده بعد أمره بالقيام يدلّ على أن الأمر للندب، ولا يجوز أن يكون نسخًا.

قال النووي (٩): والمختار أنه مستحبّ، وبه قال المتولي وصاحب المهذّب (١٠) من الشافعية.


(١) لم أقف عليه عند الطبراني. بل أخرجه النسائي في سننه رقم (١٩٢٧).
(٢) في "معرفة السنن والآثار" (٥/ ٢٧٩) رقم (٧٥٣٣).
من طريق جعفر وهو ابن محمد، عن أبيه، قال: كان الحسن بن علي جالسًا في نفر فَمرَّ عليه بجنازة فقام الناس حين طلعت. فقال الحسن بن علي: أنه مر بجنازة يهودي على رسول الله ، كان النبي على طريقها فقام حين طلعت كراهية أن تعلو على رأسه".
بسند منقطع لأن محمد بن علي … لم يدرك الحسن … كما تقدم آنفًا.
(٣) في المغني (٣/ ٤٠٣)، ومسائل أحمد لأبي داود (١٥٢) باب كفن المرأة.
(٤) حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٣٩٥).
(٥) في المنتقى للباجي (٢/ ٢٤).
(٦) زيادة من المخطوط (ب).
(٧) برقم (١٧/ ١٤٥٩) من كتابنا هذا.
(٨) في المحلى (٥/ ١٥٤).
(٩) في شرحه لصحيح مسلم (٧/ ٢٩). والمجموع (٥/ ٢٤٢).
(١٠) أبو إسحاق الشيرازي المتوفى سنة (٤٧٦ هـ)، المهذب (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>