للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (من نيح عليه يعذّب بما نيح عليه)، ظاهره (١) وظاهر حديث عمر (٢) وابنه (٣) المذكورين بعده أن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه.

وقد ذهب إلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث جماعة من السلف منهم عمر وابنه.

وروي عن أبي هريرة أنه رد هذه الأحاديث وعارضها بقوله: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤].

وروى عنه أبو يعلى (٤) أنه قال: "تالله لئن انطلقَ رجُلٌ مجاهد في سبيل الله فاستشهد فعمدت امرأته سَفَهًا وجهلًا فبكت عليه، ليعذّبنّ هذا الشهيد بذنب هذه السفيهة".

وإلى هذا جنح جماعة من الشافعية (٥) منهم الشيخ أبو حامد وغيره، وذهب جمهور العلماء إلى تأويل هذه الأحاديث لمخالفتها للعمومات القرآنية وإثباتها لتعذيب من لا ذنب له.

واختلفوا في التأويل، فذهب جمهورهم كما قال النووي (٦) إلى تأويلها بمن أوصى بأن يُبكى عليه لأنه بسببه ومنسوب إليه، قالوا: وقد كان ذلك من عادة العرب كما قال طرفة بن العبد (٧):

إِذَا مِتُّ فابكِيني بِمَا أَنَا أهلُهُ … وشُقِّي عليَّ الجيبَ يا أُمَّ مَعْبَدِ

قال في الفتح (٨): واعترض بأن التعذيب بسبب الوصية يستحقّ بمجرّد صدور الوصية.


(١) أي ظاهر حديث المغيرة المتقدم رقم (١٥١٠) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (١٥١٢) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (١٥١٣) من كتابنا هذا.
(٤) في المسند رقم (١٥٩٢).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٦) ولم ينسبه لأحد، وإنما قال: "رواه أبو هريرة، وفيه من لا يعرف".
(٥) المجموع شرح المهذب (٥/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
(٦) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٧) في معلقته: ص ٧٩ ولفظه:
فإنْ مِتُّ فانعيني بِمَا أَنَا أهلُهُ … وشُقِّي عَلَيَّ الجيبَ با ابنة مَعْبَدِ
(٨) (٣/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>