للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث دالّ على أنه إنما يقع عند الامتثال. والجواب أنه ليس في السياق حصر فلا يلزم من وقوعه عند الامتثال أن لا يقع إذا لم يمتثلوا مثلًا انتهى.

ومن التأويلات ما حكاه الخطابي (١) أن المراد أن مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله عليه، وذلك أن شدة بكائهم غالبًا إنما تقع عند دفنه، وفي تلك الحال يسأل ويبتدأ به عذاب القبر، فيكون معنى الحديث على هذا أن الميت يعذّب حال بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سببًا لتعذيبه.

قال الحافظ (٢): ولا يخفى ما فيه من التكلف، ولعلّ قائله أخذه من قول عائشة: "إنما قال رسول الله : إنه ليعذّب بمعصيته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن"، أخرجه مسلم (٣).

(ومنها) ما جزم به القاضي أبو بكر بن الباقلاني (٤) وغيره أن الراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه، وأن اللام في الميت لمعهود معين.

واحتجوا بما أخرجه مسلم (٥) من حديث عائشة أنها قالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب ولكن نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله على يهودية فذكرت الحديث.

وأخرج البخاري (٦) نحوه عنها.

(ومنها) أن ذلك يختصّ بالكافر دون المؤمن. واستدلّ لذلك بحديث عائشة المذكور في الباب (٧).

قال في الفتح (٨): وهذه التأويلات عن عائشة متخالفة. وفيها إشعار بأنها لم ترد الحديث بحديث آخر، بل بما استشعرت من معارضة القرآن.

وقال القرطبي (٩): إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة


(١) في معالم السنن (٣/ ٤٩٥).
(٢) في "الفتح" (٣/ ١٥٤).
(٣) في صحيحه رقم (٢٦/ ٩٣٢).
(٤) حكاه الحافظ في "الفتح" (٣/ ١٥٤).
(٥) في صحيحه رقم (٢٧/ ٩٣٢).
(٦) في صحيحه رقم (٣٩٧٨).
(٧) تقدم برقم (١٥٠٣) من كتابنا هذا.
(٨) (٣/ ١٥٤).
(٩) في "المفهم" (٢/ ٥٨٠ - ٥٨٢). =

<<  <  ج: ص:  >  >>