للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه لما وقع من ردّ الأحاديث بهذا العموم ولا ملجئ إلى تجشم المضايق لطلب التأويلات المستبعدة باعتبار الآية.

وأما ما روته عائشة عن النبيّ أنه قال ذلك في الكافر أو في يهودية معينة فهو غير مناف لرواية غيرها من الصحابة؛ لأن روايتهم مشتملة على زيادة، والتنصيص على بعض أفراد العامّ لا يوجب نفي الحكم عن بقية الأفراد لما تقرّر في الأصول من عدم صحة التخصيص بموافق العامّ.

والأحاديث التي ذكر فيها تعذيب مختصّ بالبرزخ أو بالتألم أو بالاستعبار كما في حديث قيلة لا تدلّ على اختصاص التعذيب المطلق في الأحاديث بنوع منها؛ لأن التنصيص على ثبوت الحكم لشيء بدون مشعر بالاختصاص به لا ينافي ثبوته لغيره فلا إشكال من هذه الحيثية.

وإنما الإشكال في التعذيب بلا ذنب، وهو مخالف لعدل الله وحكمته على فرض عدم حصول سبب من الأسباب التي يحسن عندها في مقتضى الحكمة كالوصية من الميت بالنوح وإهمال نهيهم عنه والرضا به، وهذا يؤول إلى مسألة التحسين والتقبيح، والخلاف فيها بين طوائف المتكلمين معروف (١).

ونقول: ثبت عن رسول الله أن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه فسمعنا وأطعنا ولا نزيد على هذا.

واعلم أن النووي (٢) حكى إجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم أن المراد بالبكاء الذي يعذّب الميت عليه هو البكاء بصوت ونياحة لا بمجرّد دمع العين.

٥٤/ ١٥١٤ - (وَعَنْ أبي مالِكٍ الأشْعَرِيّ أن النَّبيَّ قالَ: "أرْبَعٌ فَي أُمَّتي مِنْ أَمْرِ الجاهِلِيةِ لَا يَتْرُكُونهُنَّ: الفَخْرُ بالأحْسابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأنْسَابِ


= وهكذا يجوز التخصيصُ بتقريره وقد تقدم البحث من فعله ، وفي تقريره في مقصد السنة بما يغني عن الإعادة … " اهـ.
(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٦٥ - ٧٢) بتحقيقي. ومنهاج السنة النبوية (١/ ٤٤٧) ومدراج السالكين (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤) والكوكب المنير (١/ ٤٨٦).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>