للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تبولُ المرأةُ". وما في حديثِ حذيفة (١) بلفظ: "فقامَ كما يقومُ أحدُكم"، وذلكَ يشعرُ بأن النبي كان يخالفُهم ويقعدُ لكونهِ أسترَ وأبعدَ من مماسةِ البولِ.

قالَ الحافظُ في الفتحِ (٢): "وهو - يعني حديثَ عبدِ الرحمنِ - صحيحٌ، صححهُ الدارقطنيُّ وغيرُه، ويدل عليه حديثُ عائشةَ الذي رواهُ أبو عُوانةَ في صحيحه (٣) والحاكمُ (٤) بلفظ: "ما بالَ رسولُ اللَّهِ قائمًا منذ أُنزلَ عليه القرانُ " ويدلُّ عليه أيضًا حديثُها السالفُ (٥). وقد رويَ عن أبي موسى (٦) التشديدُ في البولِ من قيامٍ، فرُويَ عنه: "أنه رَأى رجلًا يبولُ قائمًا فقال: ويحكَ أفلا قاعِدًا؟ ثم ذكرَ قصةَ بني إسرائيلَ من أنه كانَ إذا أصابَ جسدَ أحدِهم البولُ قرضَهُ".

وقد ذَهبتِ العترةُ والأكثرُ (٧) إلى كراهةِ البولِ قائمًا.

وذهبَ أبو هريرة (٨) والشعبيُّ (٩) وابنُ سيرينَ إلى عدمِ الكراهةِ (١٠)، والحديثُ لو صحَّ وتجوَّدَ عن الصوارِفِ لصلُحَ مُتمَسَّكًا للتحريمِ. ولكنه لم يصحَّ، كما قالَهُ


(١) وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه رقم (٢٦/ ١٠٠) من كتابنا هذا.
(٢) فتح الباري (١/ ٣٢٨).
(٣) (١/ ١٩٨). كما تقدم.
(٤) في المستدرك (١/ ١٨١) كما تقدم. وهو حديث صحيح.
(٥) وهو حديث صحيح تقدم رقم (٢٤/ ٩٨) من كتابنا هذا.
(٦) أخرجه أبو داود (١/ ١٥ رقم ٣) والبيهقي (١/ ٩٣ - ٩٤) وأحمد في المسند (٤/ ٣٩٦) وأبو يعلى (١٣/ ٢٧١ رقم ٦٤/ ٦٢٨٤).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٢٠٩) وقال: "رواه الطبراني في الكبير - وله حديث في الصحيح غير هذا، وفيه علي بن عاصم وكان كثير الخطأ والغلط وينبَّه على غلطه فلا يرجع ويحتقر الحفاظ".
لكن صح عند البخاري في صحيحه (١/ ٣٣٠ رقم ٢٢٦).
وبنحو رواية البخاري أخرجه مسلم (١/ ٢٢٨ رقم ٧٤/ ٢٧٣).
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(٧) البحر الزخار (١/ ٤٧).
(٨) كما أخرجه عنه مسدد في "المطالب العالية" (١/ ٦٦ رقم ٤١) وقال البوصيري (١/ ١٩٣ رقم ٤٨٢): رواه مسدد والتابعي مجهول.
(٩) أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٢٣) عن أبي خالد قال: رأيت الشعبي يبول قائمًا.
(١٠) انظر: "المجموع شرح المهذب" (٢/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>