للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ورد لعن النائحة والمستمعة من حديث أبي سعيد عند أحمد (١).


= "وقول أم عطية عند المبايعة: إلا آل فلان؛ فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بُدَّ لي من أن أسعدهم، فقال: "إلا آل فلان" أشكلَ هذا الحديثُ على العلماء، وكثرت فيه أقوالهم، فقيل فيه: إنَّ هذا كان قبل تحريم النياحة، وهذا فاسدٌ بمساق أم عطية هذا، فإن فيه: أنَّ النبي أخذَ عليهنَّ في البيعة: ألَّا يَنُحْنَ. وذكر النياحة مع الشرك، وألَّا يعصينه في معروف. فلولا أن النياحةَ محرمةٌ لما اكد أمرها عليهن، وذكرها في البيعة مع محظورات أُخر، ولما فَهِمَتْ أم عطية التحريمَ استثنت.
(وثانيها): أنَّ ذلك خاصّ بأم عطية. وهذا أيضًا فاسدٌ، فإنه لا يخصُّها بتحليل ما كان من قبيل الفواحش كالزنى والخمر.
(وثالثها): أنَّ النَّهي عن النياحة إنما كان على جهة الكراهة، لا على جهة الغرم والتحريم، وهذا أيضًا فاسدٌ بما تقدَّم، وبقوله: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية"، وبقوله: "النائحة إذا لم تَتُبْ جاءث يوم القيامة وعليها سربالٌ من قِطران ودرعٌ من جَرَب"، وهذا وعيدٌ يدلُّ على أنه من الكبائر.
(ورابعها): أن قوله : " إلا آلا فلان" ليس فيه نصٌّ على أنها تساعدهم بالنياحة، فيمكنُ أن تساعدهم باللقاء والبكاء الذي لا نياحةَ فيه، وهذا أشبهُ مما قبله.
(وخامسها): أن يكونَ قولُه: "إلا آل فلان" إعادة لكلامها على جهة الإنكار والتوبيخ، كما قال للمستأذن حين قال: أنا، فقال : "أنا أنا" - البخاري رقم (٦٢٥٠) ومسلم رقم (٢١٥٥) من حديث جابر - منكرًا عليه.
ويدلُّ على صحة هذا التأويل ما زاد النسائي - في سننه رقم (١٨٥٢) من حديث أنس وهو حديث صحيح - في حديث بمعنى حديث أم عطية، فقال: "لا إسعادَ في الإسلام" أي على النياحة. والله أعلم" اهـ.
(١) في المسند (٢/ ٦٥).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٣١٢٨) والمزي في "تهذيب الكمال" (٦/ ٢١٢). بسند مسلسل بالضعفاء.
• وله شاهد من حديث ابن عباس عند البزار رقم (٧٩٣ - كشف) والطبراني في المعجم الكبير رقم (١١٣٠٩) بسند ضعيف.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٣) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه الصباح أبو عبد الله ولم أجد من ذكره.
• قلت: وينسب للفراء كما جاء عن الطبراني في الكبير (١١/ ١٤٥)؛ المنقول عنه هذه الرواية.
وذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٣٢٤) وقال: روى عن جابر الجعفي - شيخه في هذا الحديث - وترجم له ابن منده في الكنى رقم (٤٢٨٤).
[الفرائد على مجمع الزوائد (ص ١٥٥ رقم ٢٤٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>