للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: إن اللام في الأموات عهدية المراد بهم المسلمون؛ لأن الكفار مما يتقرّب إلى الله ﷿ بسبهم.

ويدلّ على ذلك قوله في حديث ابن عباس المذكور (١): "لا تسبوا أمواتنا".

وقال القرطبي (٢) في الكلام على حديث "وجبت": إنه يحتمل أجوبة الأوّل أن الذي كان يحدث عنه بالشرّ كان مستظهرًا به فيكون من باب "لا غيبة لفاسق" أو كان منافقًا، أو يحمل النهي على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه، أو يكون هذا النهي العامّ متأخرًا فيكون ناسخًا.

قال الحافظ (٣): وهذا ضعيف.

وقال ابن رُشيد (٤) ما محصله إن السبّ يكون في حقّ الكافر وفي حقّ المسلم.

أما في حقّ الكافر فيمتنع إذا تأذّى به الحيّ المسلم.

وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة عليه، وقد تجب في بعض المواضع، وقد تكون مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ مالًا بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن من بيده المال يردّه إلى صاحبه.

والثناء على الميت بالخير والشرّ من باب الشهادة لا من باب السبّ، انتهى.

والوجه تبقية الحديث على عمومه إلا ما خصه دليل كالثناء على الميت بالشرّ وجرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتًا لإجماع العلماء على جواز ذلك (٥)،


(١) برقم (٦٠/ ١٥٢٠) من كتابنا هذا. وهو حديث ضعيف.
(٢) في "المفهم" (٢/ ٦٠٧ - ٦٠٨).
(٣) في "الفتح" (٣/ ٢٥٨).
(٤) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٣/ ٢٥٨).
(٥) قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" (٣٨٩ - ٣٩٠) تحقيق د. نور الدين عتر: "الكلام في الرجال جرحًا وتعديلًا جُوِّز صونًا للشريعة ونفيًا للخطأ والكذب عنها، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة".
ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله ، ويتثبت ويتوقى التساهل كيلا يجرح سليمًا أو يسم بريئًا بسمعة سوء يبقى عليه الدهر عارُها ويلحق المتساهل من تساهله العقاب والمؤاخذة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>