للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر مساوي الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم (١).

قال ابن بطال (٢): سبّ الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقًا معلنًا فلا غيبة له، وكذلك الميت، انتهى.

ويتعقب بأن ذكر الرجل بما فيه حال حياته قد يكون لقصد زجره وردعه عن المعصية أو لقصد تحذير الناس منه وتنفيرهم، وبعد موته قد أفضى إلى ما قدم فلا سواء، وقد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حقّ من استحقّ عندها اللعن فكانت تلعنه وهو حيّ، فلما مات تركت ذلك ونهت عن لعنه؛ كما روى ذلك عنها عمر بن شبة في كتاب أخبار البصرة (٣).

ورواه ابن حبان (٤) من وجه آخر وصححه.


= • وقال الشوكاني في "رفع الريبة فيما يجوز ما لا يجوز من الغيبة"، وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (١١/ ٥٥٨٣ - ٥٥٨٥) رقم الرسالة (١٨٢) بتحقيقنا.
"… فإنه ما زال سلف هذه الأمة وخلَفُها يجرحون من يستحقُّ الجرحَ من رواة الشريعة، ومن الشهود على دماء العباد وأموالهم وأعراضهم، ويعدِّلون من يستحق التعديل. ولولا هذا لتلاعب بالسنة المطهرة الكذابون، واختلط المعروف بالمنكر، ولم يتبين ما هو صحيح مما هو باطل وما هو ثابت مما هو موضوع … فكان قيام الأئمة - في كل عصر - بهذه العهدة من أعظم ما أوجبه الله على العباد، ومن أهم واجبات الدين، ومن الحماية للسنة المطهرة، فجزاهم الله خيرًا …
والحاصل: أن كليات الشريعة وجزئياتها وقواعدها وإجماع أهلها، تدل أوضح دلالة على أن هذا القسم لا شك ولا ريب في جوازه، بل في وجوب بعض صوره، صونًا للشريعة وذبًّا عنها، ودفعًا لما ليس فيها، وحفظًا لدماء العباد وأموالهم وأعراضهم.
وهذا كلُّه هو داخل في الضرورات الخمس المذكورة في علم الأصول" اهـ.
(١) انظر: المرجع السابق (١١/ ٥٥٨٧ - ٥٥٩٢) ذكر المجاهر بالفسق.
(٢) في شرحه لصحيح البخاري (٣/ ٣٥٤).
(٣) كما في "الفتح" (٣/ ٢٥٩).
(٤) رقم (٣٠٢١).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ١٨٠) والدارمي (٢/ ٢٣٩) والبخاري رقم (١٣٩٣) و (٥٦١٦) والنسائي (٤/ ٥٣) والبيهقي (٤/ ٧٥) والبغوي في شرح السنة رقم (١٥٠٩).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>