ومنهم من فرَّق بين الشابة والعجوز، فأجازه للعجوز، وكرهه للشابة دفعًا لأسباب الفتنة. وهذا كله لا يعكر على أن الأصل في المسألة الإباحة. • قال النووي "المجموع" (٥/ ٢٨٥): "وأما النساء، فقال المصنف، وصاحب البيان: لا تجوز لهن الزيارة. وهو ظاهر هذا الحديث، ولكنه شاذ في المذهب. والذي قطع به الجمهور أنها مكروهة لهن كراهة تنزيه، وذكر الروياني في "البحر" وجهين: (أحدهما): يكره كما قاله الجمهور. و (الثاني): لا يكره. قال: وهو الأصح إذا أمن عندي الافتتان" اهـ. • قال ابن قدامة في المغني (٣/ ٥٢٣): اختلفت الرواية عن أحمد في زيارة النساء القبور، فروي عنه كراهته لحديث أم عطية .. والرواية الثانية: لا يكره؛ لعموم قوله ﵇: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وهذا يدل على سبق النهي ونسخه. فيدخل في عمومه الرجال والنساء … " اهـ. • وأما ابن حزم الظاهري فقد قال في "المحلى" (١/ ٣٨٨): "ونستحب زيارة القبور، وهو فرض ولو مرة … والرجال والنساء سواء" اهـ. وهو ظاهر اختيار الشوكاني في "الدراري المضية" (١/ ٣٢٤) بتحقيقي. وصديق حسن خان في "الروضة الندية" (١/ ٤٤٤ - ٤٤٦) بتحقيقي. وانتصر له المحدث الألباني ﵀ في "أحكام الجنائز" (ص ٢٢٩ - ٢٣٧): والخلاصة: النساء كالرجال في استحباب زيارة القبور، لوجوه: (الأول): عموم قوله ﷺ: " … فزوروا القبور". (الثاني): مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت الزيارة للقبور، "فإنها تُرق القلب، وتُدمع العين، وتُذكر الآخرة". (الثالث): ثبت في أكثر من حديث أنه رخص لهن في زيارة القبور كما تقدم. (الرابع): إقرار النبي ﷺ المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس. (الخامس): عدم الإكثار من زيارة القبور والتردد عليها لأن ذلك يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة .... من صياح وتبرج وتضييع للوقت، وإهدار لحقوق الزوج … (١) في المسند (٢/ ٣٠٠). (٢) في صحيحه رقم (٣٩/ ٢٤٩). (٣) في سننه رقم (١٥٠). قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (٤٣٠٦) وابن خزيمة رقم (٦) وأبو يعلى رقم (٦٥٠٢) وأبو عوانة (١/ ١٣٨) والبيهقي (٤/ ٧٨) من طرق. وهو حديث صحيح.