للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (حتى أخرجته) في لفظ للبخاري (١): "فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير هنية في أذنه".

وظاهر هذا يخالف ما في الموطأ (٢) عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو يعني والد جابر الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ستّ وأربعون سنة.

وقد جمع ابن عبد البرّ بينهما بتعدّد القصة.

قال في الفتح (٣): وفيه نظر، لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر. وفي حديث الموطأ (٢) أنهما وجدا في قبر واحد بعد ستّ وأربعين سنة، فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد.

وقد أخرج نحو ما ذكره في الموطأ ابن إسحاق في المغازي (٤) وابن سعد (٤) من طريق أبي الزبير عن جابر بإسناد صحيح.

ومعنى قوله هنيّة: أي شيئًا يسيرًا وهي بنون بعدها تحتانية مصغرًا وهو تصغير هَنَة.

قوله: (فحملا إلى المدينة) فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل.

قوله: (فأمرهم أن يخرجوه إلخ)، فيه أنه يجوز نبش الميت لغسله وتكفينه


(١) في صحيحه رقم (١٣٥١).
(٢) (٢/ ٤٧٠ رقم ٤٩).
(٣) (٣/ ٢١٦).
(٤) قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ٢١٦):، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في المغازي فقال: "حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار، قالوا: لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبور الشهداء، انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما - يعني عمرًا وعبد الله - وعليهما بردتان قد غطى بهما وجوههما وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض، فأخرجناهما يتثنيان تثنيًا كأنهما دفنا بالأمس".
وله شاهد بإسناد صحيح عند ابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>