للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعذيبَ لو وقعَ على كشفِ العورةِ لاستقلَّ الكشفُ بالسببيةِ واطُّرِحَ اعتبارُ البولِ.

وسياقُ الحديثِ يدلُّ على أن للبولِ بالنسبةِ إلى عذابِ القبرِ خصُوصِيَّةٌ، فالحملُ على ما يقتضيهِ الحديثُ المصرِّحُ بهذهِ الخصُوصِيَّةِ أوْلَى.

وقد ثبتَ من حديثِ أبي هريرة (١) مرفوعًا: "أكثَرُ عذابِ القبرِ منَ البولِ"، أي سببِ تركِ التحرُّزِ منه، وقد صححهُ ابنُ خزيمةَ.

وسيأتي (٢) حديثُ: "تنزَّهوا مِنَ البولِ فإنَّ عامةَ عذابِ القبرِ منهُ". قال ابنُ دقيق العيدِ (٣): "وأيضًا فإن لفظةَ مِنْ لمَّا أُضيفتْ إلى البولِ وهي لابتداءِ الغايةِ حقيقةَ، أو ما يرجعُ إلى معنى ابتداءِ الغايةِ مجازًا تقتضي نِسْبةَ الاستِتَارِ الذي عدمُه سببُ العذابِ إلى البولِ. يعني أن ابتداءَ سببِ عذابِه من البولِ، وإذا حَملْنَاهُ على كشفِ العورةِ زالَ هذا المعنى".

قوله: (مِنْ بولِهِ) هذهِ الرِّوايةُ تردُّ مذهب مَنْ حملَ البولَ على العمومِ، واستُدِلَّ بهِ. على نجاسةِ جميعِ أبوالِ الحيواناتِ، وقد سبقَ الكلامُ على ذلكَ في بابِ الرّخْصةِ في بولِ ما يُؤْكَلُ لحمهُ (٤).

قوله: (يمشي بالنميمةِ) قال النووي (٥): "هي نقلُ كلامِ الغيرِ بقصدِ الإضرارِ،


(١) وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٢٦، ٣٨٨، ٣٨٩) وابن ماجه (١/ ١٢٥ رقم ٣٤٨) والحاكم في المستدرك (١/ ١٨٣) والآجري في "الشريعة" ص ٣٦٢ - ٣٦٣ والدراقطني في السنن (١/ ١٢٨ رقم ٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٤١٢) وابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٢٢).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة.
ووافقه الذهبي. وقال: له شاهد.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ١٠١ رقم ١٤١): "هذا إسناد صحيح، رجاله عن آخرهم محتج بهم في الصحيحين".
ووافقه الألباني في "الإرواء" (١/ ٣١١).
(٢) رقم (٢٩/ ١٠٣) من كتابنا هذا. وهو حديث حسن لغيره.
(٣) في "إحكام الأحكام" (١/ ٦٣).
(٤) الباب السابع عند الحديث رقم (١٩/ ٣٧): من كتابنا هذا.
(٥) في شرح صحيح مسلم (٢/ ١١٢ - ١١٣) و (٣/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>