للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديثُ أيضًا يدلُّ على إثباتِ عذابِ القبر، وقد جاءتِ الأحاديثُ المتواترةُ بإثباتِهِ (١). وخلافُ بعضِ المعتزلةِ (٢) في ذلكَ من الأباطيلِ التي لا مُستندَ لها إلا مجرَّدُ الهوى.

(فائدةٌ) لم يُعْرَفِ اسْمُ المقبوريْنِ ولا أحدِهما، والظاهِرُ أن ذلكَ كانَ على عَمْدٍ مِنَ الرواةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ عليهمَا، وهوَ عملٌ مُستحسَنٌ، وينبغي أن لا يُبالَغَ في الفَحْصِ عنْ تسميةِ مَنْ وقعَ في حقِّه ما يُذَمُّ بهِ.

وما حكاهُ القرطبيُّ في التذكِرَةِ (٣) وضعَّفَهُ أن أحَدَهُما سعدُ بنُ معاذٍ، فقالَ الحافِظُ (٤): إنه قولٌ باطلٌ لا ينبغي ذِكْرُهُ إلا مقْرونًا ببيانِهِ.

ومما يدلُّ على [بُطلانِ] (٥) الحكايةِ المذكورةِ أن النبي حضرَ دفنَ سعدِ بن معاذٍ كما ثبتَ في الحديثِ الصحيحِ (٦).

وأما قِصةُ المقبوريْنِ ففي حديثِ أبي أمامةَ عندَ أحمد (٧) أنهُ قالَ لهم:


(١) (منها):
ما أخرج البخاري رقم (١٣٧٢): ومسلم رقم (٥٨٤).
عن عائشة أنّ يهوديَّةً دخلتْ عليها فذكرتْ عذاب القبرِ، فقالت لها: أعاذَكِ اللَّهُ من عذابِ القبرِ. قالت عائشةُ: فسألتُ رسولَ اللَّهِ عن عذابِ القبرِ؟ فقال: "نعم، عذابُ القبرِ حقٌّ"، قالت: فما رأيتُ رسولَ الله بعدُ صَلَّى صَلاة إلَّا تَعوَّذَ من عذابِ القبر.
(ومنها):
ما أخرج مسلم رقم (٢٨٦٨).
عن أنسٍ ، أن رسولَ اللَّهِ قالَ: "لولا أن لا تَدافَنُوا لدعوتُ اللَّهَ أنْ يُسْمِعَكُم عذابَ القبرِ".
وانظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (٤/ ٢٦٣ - ٢٧٩ رقم ٥٢١٠ - ٥٢٢٦) فصل في عذاب القبر.
(٢) انظر كتاب: "فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام، وبيان موقف الإسلام منها" إعداد غالب بن علي عواجي. (٢/ ٨٢١ - ٨٥١) الباب الثاني عشر: المعتزلة.
(٣) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة. لأبي عبد الله القرطبي. (١/ ٢٧٣).
(٤) في "الفتح" (١/ ٣٢٠).
(٥) في (جـ): (بطلانه).
(٦) أخرج مسلم (٤/ ١٩١٥ رقم ١٢٣/ ٢٤٦٦).
عن جابر بن عبد اللَّهِ قال: قالَ رسولُ اللَّهِ ، وجنازةُ سعدِ بن معاذٍ بين أيديهم: "اهتزَّ لها عرشُ الرحمن".
(٧) في المسند رقم (٢٢١٩٣) بسند حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>