للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يخفى أن الإجماع على وجوب زكاة التجارة في الجملة لا يستلزم وجوبها في كل نوع من أنواع المال؛ لأن مخالفة الظاهرية في وجوبها في الخيل والرقيق الذي هو محل النزاع مما يبطل الاحتجاج عليهم بالإجماع على وجوبها فيهما، فالظاهر ما ذهب إليه أهله.

قوله: (إن لم تكن جزية إلخ)، ظاهر هذا أن عليًا لا يقول بجواز أخذ الزكاة من هذين النوعين، وإنما حسن الأخذ من الجماعة المذكورين لكونهم قد طلبوا من عمر ذلك.

وحديث أبي هريرة المذكور في الباب هو طرف من حديثه المتقدم (١) في أول الكتاب، وقد شرحناه هنالك.

وقد استدل به على عدم وجوب الزكاة في الحمر؛ لأن النبي سئل عن زكاتها فلم يذكر أن فيها الزكاة، والبراءة الأصلية مستصحبة، والأحكام التكليفية لا تثبت بدون دليل، ولا أعرف قائلًا من أهل العلم يقول بوجوب الزكاة في الحمر لغير تجارة واستغلال (٢).


(١) برقم (١٥٣١) من كتابنا هذا.
(٢) قال الشافعي في الأم (٣/ ٦٦): "فلا زكاة في خيل بنفسها، ولا في شيء في الماشية عدا الإبل والبقر والغنم، بدلالة سنة رسول الله ، ولا صدقة في الخيل؛ فإنا لم نعلمه أخذ الصدقة في شيء من الماشية غير الإبل والبقر والغنم.
قال الشافعي : فإذا اشترى شيئًا من هذه الماشية أو غيرها، مما لا زكاة فيه للتجارة، كانت فيه الزكاة بنية التجارة والشراء لها، لا بأنه نفسه مما تجب فيه الزكاة" اهـ.
• وقال ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٦٦): "ولا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية، في قول أكثر أهل العلم … " اهـ.
• وقال النووي في "المجموع" (٥/ ٣١١): "مذهبنا - أي الشافعية - أنه لا زكاة فيها - أي الخيل - مطلقًا. وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر، والشعبي، والنخعي، وعطاء، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والحاكم، والثوري، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي خيثمة، وأبي بكير بن أبي شيبة، وحكاه غيره عن عمر بن الخطاب والأوزاعي، ومالك، والليث، وداود.
وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حذيفة: يفرق فتجب الزكاة فيها إن كانت ذكورًا وإناثًا، فإن كانت إناثًا متمحضة.
وجبت أيضًا على المشهور، وعنه رواية شاذة بالوجوب ويعتبر فيها الحول دون النصاب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>