للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو بينَ قدميهِ بحيثُ يتأتى مسحَه أمسَكَ الذَّكرَ بيسارِه ومسحَهُ على الحجَرِ، وإن لم يمكِنْهُ واضطُرَّ إلى حملِ الحجرِ حملَهُ بيمينهِ، وأَمسكَ الذَّكرَ بيسارِهِ، ومسحَ بها، ولا يحرِّكُ اليمنَى، هذا هو الصوابُ. قالَ: وقال بعضُ أَصحابِنَا: يأخذُ الحجرَ بيسارِهِ، والذَّكرَ بيمينِهِ ويمسحُ ويحرِّكُ اليُسرى، وهذا ليسَ بصحيح لأنهُ يمسُّ الذكرَ مِنْ غيرِ ضرورةٍ، وقد نُهيَ عنهُ، ثم إن في النهي عن الاستنجاءِ باليمينِ تنبيهًا على إكرَامِها وصيانَتِها عن الأقذارِ ونحوها". اهـ.

والحاصِلُ أنه قد وردَ النهيُ عن مسِّ الذكَرِ باليمينِ في الحديثِ المتفقِ عليهِ، ووردَ النهيُ عن الاستنجاءِ باليمينِ في هذا الحديثِ وغيرهِ، فلا يجوزُ استعمالُ اليمينِ في أَحدِ الأَمرين، وإذا دَعَتِ الضرورةُ إلى الانتفاعِ بها في أحدِهما استعمَلَها قاضي الحاجةِ في أَخفِّ الأمَريْنِ في نظرِهِ.

وأَما النهى عن الاستنجاءِ بأقلَّ من ثلاثةِ أحجارٍ فَقَدْ ذكرْنَا في باب نهي المتخلِّي عن استقبالِ القِبلةِ (١) الرواياتِ الواردةِ في هذا المعنى، وذكرْنَا هنالِكَ طرفًا مِنْ فقْهِ هذهِ الجملةِ فليُرْجَعْ إليهِ.

وقد قالَ بعضُ أهلِ الظاهِرِ: إَّن الاستجمارَ بالحجرِ متعيِّنْ لنصِّهِ عليها فلا يُجزئُ غيرهُ، وذهبَ الجمهورُ إلى أن الحجرَ ليسَ متعيِّنًا، بل تقومُ الخِرقَةُ والخشَبُ وغيرُ ذلكَ مقامَهُ، قالَ النوويُّ (٢): فلا يكونُ له مفهومٌ كما في قولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾ (٣). ويدل على عدم تعيُّنِ الحجَرِ نهيهُ عن العظمِ والبعْرِ والرجيعِ (٤)، ولو كانَ متعينًا لنهي عما سِوَاهُ مطلقًا، وعلى الجملةِ كلُّ جامِدٍ (٥) طاهرِ مزيلٍ للعينِ ليس له حُرْمَة يجزيءُ الاستجمارُ بهِ.


(١) الباب الخامس المتقدم عن الحديث رقم (١٠/ ٨٤) من كتابنا هذا.
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٥٧).
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٥١.
(٤) انظر: "الباب الثاني عشر" باب في إلحاق ما كان في معنى الأحجار بها. عند الأحاديث رقم (٣٣/ ١٠٧) و (٣٤/ ١٠٨) من كتابنا هذا.
"والباب الثالث عشر" باب النهي عن الاستجمار بالروث والرمَّة.
عند الأحاديث رقم (٣٥/ ١٠٩) و (٣٦/ ١١٠) من كتابنا هذا.
(٥) في (ب): بعد (جامد) كلمة (جماد).

<<  <  ج: ص:  >  >>