للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المثلة، وحديث الباب يخصص هذا العموم فهو حجة عليه.

وفي الحديث اعتناء الإمام بأموال الصدقة وتوليها بنفسه، وجواز تأخير القسمة لأنها لو عجلت لاستغني عن الوسم.

قوله: (إن عليها ميسم الجزية إلخ)، فيه دليل على أن وسم إبل الجزية كان يفعل في أيام الصحابة كما كان يوسم إبل الصدقة.


= ونقل صاحب الشامل وغيره أنه إجماع الصحابة ، قال العبدري: وبه قال أكثر الفقهاء. وقال أبو حنيفة: يكره الوسم لأنه مثلة، وقد نهى رسول الله عن المثلة، ولأنه تعذيب للحيوان، وهو منهي عنه.
واحتج أصحابنا بحديث أنس - رقم (١٥٨٠) من كتابنا هذا - وبآثار كثيرة عن عمر بن الخطاب - رقم (١٥٨١) من كتابنا هذا - وغيره من الصحابة .
ولأن الحاجة تدعو إلى الوسم لتمييز إبل الصدقة من إبل الجزية وغيرها.
ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها …
وأما احتجاج أبي حنيفة بالمثلة والتعذيب فهو عام، وحديثنا والآثار خاصة باستحباب الوسم، فخصصت ذلك العموم ووجب تقديمها عليه، والله أعلم" اهـ.
• أما الوسم في الوجه فمنهي عنه باتفاق العلماء، للأحاديث الآتية:
١ - أخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٦/ ٢١١٦).
عن جابر قال: نهى رسول الله عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه".
٢ - وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٧/ ٢١١٧).
عن جابر أن النبي مر عليه حمار قد وسم في وجهه، فقال: "لعن الله الذي وسمه".
٣ - وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٨/ ٢١١٨).
عن ابن عباس قال: رأى رسول الله حمارًا موسوم الوجه فأنكر ذلك؛ قال: فوالله لا أسمُهُ إلا في أقصى شيء من الوجه. فأمر بحمار له فكوى في جاعرتيه، فهو أول من كوى الجاعرتين.
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٦٤٤ - ٦٤٥): قائل هذا هو العباس والده لا ابنه عبد الله صاحب الحديث، وكذا بينه في كتاب أبي داود، وكذا ذكره البخاري في التاريخ - الكبير (١/ ١٨٧) - مفسرًا، وهو في كتاب مسلم مشكل ليس فيه ذكر لقائله، وتوهم أنه من قول النبي وبيانه ما تقدم" اهـ.
قال النووي في "المجموع" (٦/ ١٥٣): "واختلفت عبارات أصحابنا في كيفية النهي عن الوسم في الوجه فقال البغوي: لا يجوز الوسم. وقال صاحب العدة الوسم على الوجه منهي عنه بالاتفاق، وهو من أفعال الجاهلية؛ وقال الرافعي: يكره. والمختار التحريم.
كما أشار إليه البغوي، وهو مقتضى اللعن. وقد ثبت اللعن في الحديث كما ذكرناه. والله أعلم" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>