واحتج أصحابنا بحديث أنس - رقم (١٥٨٠) من كتابنا هذا - وبآثار كثيرة عن عمر بن الخطاب - رقم (١٥٨١) من كتابنا هذا - وغيره من الصحابة ﵃. ولأن الحاجة تدعو إلى الوسم لتمييز إبل الصدقة من إبل الجزية وغيرها. ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها … وأما احتجاج أبي حنيفة بالمثلة والتعذيب فهو عام، وحديثنا والآثار خاصة باستحباب الوسم، فخصصت ذلك العموم ووجب تقديمها عليه، والله أعلم" اهـ. • أما الوسم في الوجه فمنهي عنه باتفاق العلماء، للأحاديث الآتية: ١ - أخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٦/ ٢١١٦). عن جابر قال: نهى رسول الله ﷺ عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه". ٢ - وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٧/ ٢١١٧). عن جابر أن النبي ﷺ مر عليه حمار قد وسم في وجهه، فقال: "لعن الله الذي وسمه". ٣ - وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٨/ ٢١١٨). عن ابن عباس قال: رأى رسول الله ﷺ حمارًا موسوم الوجه فأنكر ذلك؛ قال: فوالله لا أسمُهُ إلا في أقصى شيء من الوجه. فأمر بحمار له فكوى في جاعرتيه، فهو أول من كوى الجاعرتين. قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٦/ ٦٤٤ - ٦٤٥): قائل هذا هو العباس والده لا ابنه عبد الله صاحب الحديث، وكذا بينه في كتاب أبي داود، وكذا ذكره البخاري في التاريخ - الكبير (١/ ١٨٧) - مفسرًا، وهو في كتاب مسلم مشكل ليس فيه ذكر لقائله، وتوهم أنه من قول النبي ﷺ وبيانه ما تقدم" اهـ. قال النووي في "المجموع" (٦/ ١٥٣): "واختلفت عبارات أصحابنا في كيفية النهي عن الوسم في الوجه فقال البغوي: لا يجوز الوسم. وقال صاحب العدة الوسم على الوجه منهي عنه بالاتفاق، وهو من أفعال الجاهلية؛ وقال الرافعي: يكره. والمختار التحريم. كما أشار إليه البغوي، وهو مقتضى اللعن. وقد ثبت اللعن في الحديث كما ذكرناه. والله أعلم" اهـ.