للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره. وحديث خالد بن عدي (١) يرده.

قال الحافظ (٢): ويؤيده حديث سمرة في السنن (٣) إلا أن يسأل ذا سلطان. قال: والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالًا فلا تردّ عطيته، ومن علم كون ماله حرامًا فتحرم عطيته، ومن شكّ فيه فالاحتياط ردّه وهو الورع. ومن أباحه أخذ بالأصل، انتهى.

قال ابن المنذر: واحتجّ من رخص فيه بأن الله تعالى قال في اليهود: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ (٤)، وقد رهن الشارع درعه عند يهودي (٥) مع علمه بذلك. وكذا أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة.

قال الحافظ (٦): وفي حديث الباب أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجهًا وإن كان غيره أحوج إليه منه، وأن ردّ عطية الإمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول لقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ (٧).

قوله: (من هو أفقر إليه مني)، ظاهره أن عمر لم يكن غنيًا لأن صيغة أفعل تدل على الاشتراك في الأصل وهو الافتقار إلى المال، ولكن ظاهر أمره له بالأخذ إذا لم يكن مستشرفًا ولا سائلًا أنه لا فرق بين كونه غنيًا أو فقيرًا، [وهكذا في قبول المال من غير السلطان لا فرق فيه بين الغني والفقير] (٨) على


(١) تقدم برقم (١٥٩٢) من كتابنا هذا. وإسناده صحيح.
(٢) في "الفتح" (٣/ ٣٣٨).
(٣) تقدم تخريجه برقم (١٥٩٠) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(٤) سورة المائدة: الآية (٤٢).
(٥) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٢٠٦٨) ومسلم في صحيحه رقم (١٦٠٣) عن عائشة : أن النبي اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل، ورهنه درعًا من حديد".
(٦) في "الفتح" (٣/ ٣٣٨).
(٧) سورة الحشر: الآية (٧).
(٨) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>