للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فعمَّلني) بتشديد الميم: أي أعطاني أجرة عملي وجعل لي عمالة.

قوله: (من غير أن تسأل)، فيه دليل على أنه لا يحل أكل ما حصل من المال عن مسألة.

وفي الحديث دليل على أن عمل الساعي سبب لاستحقاقه الأجرة كما أن وصف الفقر والمسكنة هو السبب في ذلك، وإذا كان العمل هو السبب اقتضى قياسَ قواعد الشرع أن المأخوذ في مقابلته أجرة، ولهذا قال أصحاب الشافعي (١) تبعًا له: إنه يستحق أجرة المثل، وفيه أيضًا دليل على أن من نوى التبرع يجوز له أخذ الأجرة بعد ذلك، ولهذا قال المصنف (٢) : وفيه دليل على أن نصيب العامل يطيب له وإن نوى التبرع أو لم يكن مشروطًا. اهـ.

١٤/ ١٥٩٥ - (وَعَنِ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ وَالْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ انْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ الله قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنا على هَذِهِ الصَّدَقَات، فَنُصِيبَ مَا يُصِيبُ النَّاس مِنَ المَنْفَعَةِ، وَنُؤَدّي إِلَيْكَ مَا يُؤَدّى النَّاسُ، فَقَالَ: "إِن الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ"، مُخْتَصَرٌ لِأَحْمَدَ (٣) وَمُسْلِمَ (٤). [صحيح]

وفي لَفْظٍ لَهُمَا (٥): "لَا تَحِلّ لِمُحَمَّدِ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ"). [صحيح]

قوله: (أوساخ الناس)، هذا بيان لعلة التحريم والإرشاد إلى تنزه الآل عن أكل الأوساخ. وإنما سميت أوساخًا لأنها تطهرة لأموال الناس ونفوسهم كما قال تعالى: ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (٦)، فذلك من التشبيه.

وفيه إشارة إلى أن المحرم على الآل إنما هو الصدقة الواجبة التي يحصل بها تطهير المال. وأما صدقة التطوّع فنقل الخطابي (٧) وغيره (٨) الإجماع على أنها


(١) المجموع شرح المهذب (٦/ ١٦٩).
(٢) ابن تيمية الجد في "المنتقى" (٢/ ١٤٧).
(٣) في المسند (٤/ ١٦٦).
(٤) في صحيحه رقم (١٦٧/ ١٠٧٢).
(٥) أي لأحمد في المسند (٤/ ١٦٦) ولمسلم في صحيحه رقم (١٦٨/ ١٠٧٢).
(٦) سورة التوبة: الآية (١٠٣).
(٧) في معالم السنن (٢/ ٢٩٩ - مع السنن).
(٨) كابن قدامة في المغني (٤/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>