للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥/ ١٥٩٦ - (وَعَنْ أَبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : "إِنَّ الخَازِنَ المُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَقَّرًا طَيبَةً بِهِ نَفْسُهُ، حَتى يَدْفَعَهُ إلى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَيْنَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) (١). [صحيح]

قوله: (طيبة به نفسه)، هذه الأوصاف لا بدّ من اعتبارها في تحصيل أجرة الصدقة للخازن، فإنه إذا لم يكن مسلمًا لم تصح منه نية التقرّب، وإن لم يكن أمينًا كان عليه وزر الخيانة، فكيف يحصل له أجر الصدقة، وإن لم تكن نفسه بذلك طيبة لم يكن له نية فلا يؤجر.

قوله: (أحد المتصدقين)، قال القرطبي (٢): لم نروه إلا بالتثنية، ومعناه أن الخازن بما فعل متصدق وصاحب المال متصدق آخر فهما متصدقان.

قال (٢): ويصح أن يقال على الجمع فتكسر القاف ويكون معناه أنه متصدّق من جملة المتصدّقين.

والحديث يدل على أن المشاركة في الطاعة توجب المشاركة في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجرًا كما أن لصاحبه أجرًا.

وليس معناه أنه يزاحمه في أجره، بل المراد المشاركة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالك خازنه مائة درهم أو نحوها ليوصلها إلى مستحق للصدقة على باب داره فأجر المالك أكثر.

وإن أعطاه رمانة أو رغيفًا أو نحوهما حيث ليس له كثير قيمة ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل ذهاب الماشي إليه أكثر من الرمانة ونحوها فأجر الخازن أكثر.

وقد يكون الذهاب مقدار الرمانة فيكون الأجر سواء.

قال ابن رسلان: ويدخل في الخازن من يتخذه الرجل، على عياله من وكيل وعبد وامرأة وغلام، ومن يقوم على طعام الضيفان.


(١) أحمد (٤/ ٣٩٤، ٤٠٩) والبخاري رقم (٢٢٦٠) ومسلم رقم (٧٩/ ١٠٢٣).
(٢) في "المفهم" (٣/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>