للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولهذا قال المصنف (١) : وحمل قوم هذا على التنزيه، واحتجوا بعموم قوله: "أو رجل اشتراها بماله" في خبر أبي سعيد (٢)، ويدل عليه ابتياع ابن عمر وهو راوي الخبر، ولو فهم منه التحريم لما فعله وتقرّب بصدقة تستند إليه، انتهى.

والظاهر أنه لا معارضة بين هذا وبين حديث أبي سعيد المتقدم (٢) لأن هذا في صدقة التطوع وذاك في صدقة الفريضة.

فيكون الشراء جائزًا في صدقة الفريضة لأنه لا يتصور الرجوع فيها حتى يكون الشراء مشبهًا له، بخلاف صدقة التطوّع فإنه يتصوّر الرجوع فيها، فكره ما يشبهه وهو الشراء.

نعم يعارض حديث الباب في الظاهر ما أخرجه مسلم (٣) وأبو داود (٤) والترمذي (٥) والنسائي (٦) وابن ماجه (٧): "أن امرأة أتت رسول الله فقالت: كنت تصدّقت على أمي بوليدة وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة، قال: [قد] (٨) وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث".

ويجمع بجواز تملك الشيء المتصدّق به بالميراث؛ لأن ذلك ليس مشبهًا للرجوع عن الصدقة دون سائر المعاوضات (٩).


(١) ابن تيمية الجد في "المنتقى" (٢/ ١٥٣).
(٢) تقدم برقم (١٦٠٥) من كتابنا هذا.
(٣) في صحيح رقم (١٥٧/ ١١٤٩).
(٤) في سننه رقم (١٦٥٦).
(٥) في سننه رقم (٦٦٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٦) في السنن الكبرى رقم (٦٢٨١، ٦٢٨٢، ٦٢٨٣).
(٧) في سننه رقم (٢٣٩٤).
وهو حديث صحيح.
(٨) زيادة من المخطوط (ب).
(٩) قال النووي في "المجموع" (٦/ ٢٣٩): "فرع: قال البندنيجي والبغوي وسائر أصحابنا في مواضع متفرقة: يكره لمن تصدق بشيء صدقة تطوع أو دفعه إلى غيره زكاة، أو كفارة، أو عن نذر، وغيرها من وجوه الطاعات أن يتملكه من ذلك المدفوع إليه بعينه بمعاوضة أو هبة. ولا يكره ملكه منه بالإرث. ولا يكره أيضًا أن يتملكه من غيره إذا انتقل إليه.
واستدلوا في المسألة بحديث عمر تقدم برقم (١٦١٤) من كتابنا هذا -. =

<<  <  ج: ص:  >  >>