للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشهد شاهدا عدل وهو مستثنى من قوله: "فأكملوا عدة شعبان"، فالكلام في شهادة دخول رمضان.

وأما اللفظ الذي سيذكره المصنف، أعني قوله: "فإن شهد مسلمان فصوموا وأفطروا"، فمع كون مفهوم الشرط قد وقع الخلاف في العمل به هو أيضًا معارض بما تقدم من قبوله لخبر الواحد في أول الشهر، وبالقياس عليه في آخره لعدم الفارق فلا ينتهض مثل هذا المفهوم لإثبات هذا الحكم به، وإذا لم يرد ما يدل على اعتبار الاثنين في شهادة الإفطار من الأدلة الصحيحة، فالظاهر أنه يكفي فيه واحد قياسًا على الاكتفاء به في الصوم.

وأيضًا التعبد بقبول خبر الواحد (١) يدل على قبوله في كل موضع إلا ما ورد الدليل بتخصيصه بعدم التعبد فيه بخبر الواحد، كالشهادة على الأموال ونحوها، فالظاهر ما قاله أبو ثور.

ويمكن أن يقال: إن مفهوم حديث عبد الرحمن بن زيد (٢) قد عورض في أول الشهر بما تقدم.

وأما في آخر الشهر فلا ينتهض ذلك القياس لمعارضته لا سيما مع تأيده بحديث ابن عمر (٣) وابن عباس (٤) المتقدم، وهو إن كان ضعيفًا فذلك غير مانع من صلاحيته للتأييد، فيصلح ذلك المفهوم المعتضد بذلك الحديث لتخصص ما ورد من التعبد بأخبار الآحاد والمقام بعد محل نظر.


(١) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص ٤٠١ - ٤٦١) تحت عنوان: "الحجةُ في تثبيت خبر الواحد" و"فتح الباري" ١٣/ (٢٣١ - ٢٤٤) تحت عنوان، "كتاب أخبار الآحاد" ففيهما الحجة البالغة.
• وقال الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٢٣٥): "واحتج بعض الأئمة بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧]، مع أنّه كان رسولًا إلى الناس كافة، ويجب عليه تبليغهم، فلو كان خبر الواحد غير مقبول لتعذر إبلاغ الشريعة إلى الكل ضرورة لتعذر خطاب جميع الناس شفاهًا. وكذا تعذّر إرسال عدد التواتر إليهم، وهو مسلك جيد ينضم إلى ما احتج به الشافعي رحمه الله تعالى. ثم البخاري رحمه الله تعالى" اهـ.
(٢) سيأتي برقم (٤/ ١٦٢٨) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (١٦٢٥) من كتابنا هذا وهو حديث صحيح.
(٤) تقدم برقم (١٦٢٦) من كتابنا هذا وهو حديث ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>