للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= • وأما الرواية عن أبي هريرة، فقال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاويةُ بن صالح، عن أبي مريم مولى أبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: لأن أتعجل في صَوْمِ رمضان بيوم، أحبُّ إليَّ من أن أتأخر، لأني إذا تعجلتُ لم يَفُتني، وإذا تأخرت فاتني.
- وهي رواية لا تدل على الوجوب، بل على الاحتياط والاستحباب.
• وأما الرواية عن عائشة ، فقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن خُمير عن الرسول الذي أتى عائشة في اليوم الذي يُشك فيه من رمضان قال: قالت عائشة: لأن أصُوم يومًا من شعبان، أحبُّ إليَّ من أفطِرَ يومًا من رمضان.
• وأما الرواية عن أسماء بنت أبي بكر ، فقال سعيد أيضًا: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن هشامٍ بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، قالت: ما غُمَّ هلالُ رمضان إلا كانت أسماءُ متقَدِّمة بيوم، وتأمرُ بتقدُّمه.
وكل ما ذكرناه عن أحمد فمن مسائل الفضل بن زياد عنه.
وقال في رواية الأثرم: إذا كان في السماء سحابةٌ أو عِلَّةٌ أصبح صائمًا، وإن لم يكن في السماء عِلَّة، أصبح مفطرًا، وكذلك نقل عنه ابناه صالح، وعبد الله، والمروزي، والفضل بن زياد، وغيرهم.
فالجواب من وجوه:
(أحدهما): أن يقال: ليس فيما ذكرتم عن الصحابة أثر صالح صريح في وجوب صومه حتى يكون فعلهم مخالفًا لهدي رسول الله . وإنما غاية المنقول عنهم صومُه احتياطًا.
وقد صرح أنس بأنه إنما صامه كراهةً للخلاف على الأمراء، ولهذا قال الإمام أحمد في رواية: الناس تبعٌ للإمام في صومه وإفطاره.
والنصوص التي حكيناها عن رسول الله من فعله وقوله، إنما تدل على أنه لا يجب صومُ يوم الإغمام، ولا تدلُّ على تحريمه، فمَن أفطره أخذ بالجواز، ومن صامه أخذ بالاحتياط.
(الثاني): أن الصحابة كان بعضهم يصومُه كما حكيتم، وكان بعضهم لا يصُومه، أصحُّ وأصرحُ من روي عنه صومه: عبد الله بن عمر. قال ابن عبد البر: وإلى قوله ذهب طاووس اليماني، وأحمد بن حنبل.
وروي مثل ذلك عن عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر. ولا أعلم أحدًا ذهب مذهب ابن عمر غيرهم.
قال: وممن روي عنه كراهةُ صوم يوم الشَّكِ: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عباسَ، وَأبو هريرة، وأنس بن مالك .
قلت: المنقول عن علي، وعمر، وعمار، وحذيفة، وابن مسعود، المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعًا - لحديث عمار المتقدم برقم (١٦٣٥).
فأما صوم يوم الغيم احتياطًا على أنه إن كان من رمضان فهو فرضُه وإلا فهو تطوع، =

<<  <  ج: ص:  >  >>