للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يرده ما وقع في أول الحديث، فإنه عند سعيد بن منصور (١) بلفظ: "فقال رسول الله : تب إلى الله واستغفره وتصدق واقض يومًا مكانه"، والتوبة والاستغفار إنما يكونان عن العمد لا عن الخطأ، وأيضًا بعد تسليم تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم يكون حديث الباب مخصصًا له فلم يبق ما يوجب ترك العمل بالحديث.

وأما اعتذار ابن دقيق العيد (٢) عن الحديث بأن الصوم قد فات ركنه وهو من باب المأمورات، والقاعدة أن النسيان لا يؤثر في المأمورات، فيجاب عنه بأن غاية هذه القاعدة المدعاة أن تكون بمنزلة الدليل فيكون حديث الباب مخصصًا لها.

قوله: (فإنما الله أطعمه وسقاه) وهو كناية عن عدم الإثم؛ لأن الفعل إذا كان من الله كان الإثم منتفيًا.

قوله: (من أفطر يومًا من رمضان) ظاهر يشمل المجامع.

وقد اختلف فيه، فبعضهم لم ينظر إلى هذا العموم وقال: إنه ملحق بمن أكل أو شرب، وبعضهم منع من الإلحاق لقصور حالة المجامع عن حالة الآكل والشارب.

وفرق بعضهم بين الأكل والشرب القليل والكثير، وظاهر الحديث عدم الفرق.

ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد (٣) عن أمّ إسحق: "أنها كانت عند النبي ،


(١) عزاه إليه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ٣٩٧).
(٢) في "إحكام الأحكام" (٢/ ٢١٢).
(٣) في المسند (٦/ ٣٦٧) من طريق عبد الصمد، قال: حدثنا بشَّار بن عبد الملك، قال: حدثتني أمُّ حكيم بنتُ دينار عن مولاتها أُمِّ إسحاق، أنها كانت عندَ رسول الله ، فأتي بقصعةٍ من ثريدٍ، فأكلتْ معه، ومعه ذو اليدين، فناولها رسول الله عرقًا، فقال: "يا أمَّ إسحاق، أصيبي من هذا"، فذكرتُ أني كنتُ صائمة، فَبَرَدَتْ يدي، لا أقدمها ولا أُوْخِّرها، فقال النبي : "ما لكِ؟ "قالت: كنت صائمةً فنسيتُ، فقال ذو اليدين: الآن بعد ما شبعت! فقال النبيُّ : "أتمي صومَكِ، فإنما هو رزقٌ ساقه الله إليك".
قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج ٢٥ رقم ٤١١). =

<<  <  ج: ص:  >  >>