للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالنسيان ليس من كسب القلوب وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل لا بنسيانه. انتهى.

وقد ذهب إلى هذا الجمهور (١) فقالوا: من أكل ناسيًا فلا يفسد صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة.

وقال مالك (٢) وابن أبي ليلى والقاسمية: إن من أكل ناسيًا فقد بطل صومه ولزمه القضاء. واعتذر بعض المالكية عن الحديث بأنه خبر واحد مخالف للقاعدة وهو اعتذار باطل.

والحديث قاعدة مستقلة في الصيام، ولو فتح باب رد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا لما بقي من الحديث إلا القليل ولرد من شاء ما شاء.

وأجاب بعضهم أيضًا بحمل الحديث على التطوع، حكاه ابن التين (٣) عن ابن شعبان، وكذا قاله ابن القصار (٤) واعتذر بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان وهو حمل غير صحيح واعتذار فاسد يرده ما وقع في حديث الباب من التصريح بالقضاء.

ومن الغرائب تمسك بعض المتأخرين في فساد الصوم ووجوب القضاء بما وقع في حديث المجامع (٥) بلفظ: "واقض يومًا مكانه". قال: ولم يسأله هل جامع عامدًا أو ناسيًا؟


(١) قال النووي في "المجموع" (٦/ ٣٥٢ - ٣٥٣): "فرع في مذاهب العلماء في الأكل وغيره ناسيًا:
ذكرنا أن مذهبنا - أي الشافعية - أنه لا يفطر بشيء من المنافيات ناسيًا للصوم، وبه قال: الحسن البصري، ومجاهد، وأبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وغيرهم.
وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب قضاؤه في الجماع ناسيًا دون الأكل.
وقال ربيعة ومالك: يفسد صوم الناسي في جميع ذلك، وعليه القضاء دون الكفارة.
وقال أحمد: يجب بالجماع ناسيًا: القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل.
دليلنا على الجميع الأحاديث السابقة. والله أعلم" اهـ.
(٢) التسهيل (٣/ ٨١٣).
(٣) و (٤) حكاه عنهما الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٥٧).
(٥) سيأتي تخريجه برقم (١٦٦٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>