وبهذا قال (مالك) و (أبو حنيفة) و (أحمد) و (داود) والعلماء كافة إلا ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي، وسعيد بن جبير، والنخعي، وقتادة أنهم قالوا: لا كفارة عليه، كما لا كفارة عليه بإفساد الصلاة. دليلنا حديث أبي هريرة - المتقدم برقم (١٦٦٣) من كتابنا هذا - في قصة الأعرابي، ويخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها. (الثانية): يجب على المكفر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه. هذا هو المشهور من مذهبنا وفي خلاف سبق. قال العبدري: وبإيجاب قضائه قال جميع الفقهاء سوى الأوزاعي فقال: إن كفر بالصوم لم يجب قضاؤه، وإن كفر بالعتق أو الإطعام قضاه. (الثالثة): قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه لا يجب على المرأة كفارة أخرى وبه قال أحمد. وقال مالك وأبو حنيفة، وأبو ثور، وابن المنذر: عليها كفارة أخرى وهي رواية عن أحمد. (الرابعة): هذه الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة، فإن عجز فصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين مسكينًا. وبه قال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد في أصح الروايتين عنه. وقال مالك: هو مخير بين الخصال الثلاث وأفضلها عنده الإطعام. وعن الحسن البصري أنه مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة، واحتجا بحديثين على وفق مذهبيهما. دليلنا حديث أبي هريرة - المتقدم - وأما حديث الحسن فضعيف جدًّا. وحديث مالك يجاب عنه بجوابين: (أحدهما): حديثنا أصح وأشهر. و (الثاني): أنه محمول على الترتيب جمعًا بين الروايات. (الخامسة): يشترط في صوم هذه الكفارة عندنا - أي الشافعية - وعند الجمهور التتابع، وجوز ابن أبي ليلى تفريقه لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب. دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل المطلق عليه. (السادسة): إذا كفر بالإطعام فهو إطعام ستين مسكينًا كل مسكين مد، سواء البر والزبيب والتمر وغيرها. وقال أبو حنيفة: يجب لكل مسكين مدان من حنطة، أو صاع من سائر الحبوب، وفي الزبيب عنه روايتان: رواية صاع، ورواية مدان. (السابعة): لو جامع في صوم غير رمضان من قضاء أو نذر أو غيرهما، فلا كفارة كما سبق، وبه قال الجمهور. وقال قتادة: تجب الكفارة في إفساد قضاء رمضان" اهـ.