للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبرواية مسلم يتم المراد من الاستدلال، ويتوجه بها الرد على ابن حزم (١) حيث زعم أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك الصوم تطوعًا.

وقد قيل: إن هذا السفر هو غزوة الفتح، وهو وهم؛ لأن أبا الدرداء ذكر أن عبد الله بن رواحة كان صائمًا في هذا السفر، وهو استشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف. وإن كانتا جميعًا في سنة واحدة.

وأيضًا الذين صاموا في غزوة الفتح جماعة من الصحابة، ولم يستثن أبو الدرداء في هذه الرواية مع النبي إلا عبد الله بن رواحة [وحده] (٢).

وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يكره الصوم لمن قوي عليه.

قوله: (في سفر) في رواية للبخاري (٣) وابن خزيمة (٤) أنها غزوة الفتح.

قوله: (ورجلًا قد ظلل عليه)، زعم مغلطاي أنه أبو إسرائيل، وعزا ذلك إلى مبهمات الخطيب (٥) ولم يقل ذلك في هذه القصة، وإنما قاله في قصة الذي نذر أن يصوم ويقوم في الشمس، وكان ذلك يوم الجمعة والنبيّ يخطب.

قال الحافظ (٦): لم نقف على اسم هذا الرجل.

قوله: (ليس من البر إلخ)، قد أشار البخاري (٧) إلى أن السبب في قوله هذه المقالة هو ما ذكر من المشقة التي حصلت للرجل الذي ظلل عليه.

وفي ذلك دليل على أن الصيام في السفر لمن كان يشق عليه ليس بفضيلة.

وقد اختلف السلف في هذه المسألة، أعني صوم رمضان في السفر،


(١) في المحلى (٦/ ٢٥٠).
(٢) ما بين الخاصرتين زيادة من المخطوط (ب).
(٣) البخاري في صحيحه رقم (٤٢٧٦).
(٤) في صحيحه رقم (٢٠٣٤).
(٥) واسمه "الأسماء المبهمة والأنباء المحكمة" للخطيب (ص ٢٧٣ - ٢٧٤) حديث (١٣٤) قيس أبو إسرائيل العامري. ولم يقل ذلك في هذه القصة بل قالها في قصة الذي نذر أن يصوم ويقوم في الشمس كما قال الشوكاني.
(٦) في "الفتح" (٤/ ١٨٥).
(٧) في صحيحه برقم (١٩٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>