للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرفعه حتى نظر الناس ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة".

وفي رواية له: "إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر" الحديث، وسيأتي (١).

وأجاب عنه الجمهور بأنه إنما نسبهم إلى العصيان لأنه عزم عليهم فخالفوا.

واحتجوا أيضًا بما في حديث جابر المذكور في الباب (٢) من قوله : "ليس من البر الصوم في السفر".

وأجاب عنه الجمهور بأنه إنما قال ذلك في حق من شق عليه الصوم كما سبق بيانه [في الفطر] (٣).

ولا شك أن الإفطار مع المشقة الزائدة أفضل، وفيه نظر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٤)، ولكن قيل: إن السياق والقرائن تدل على التخصيص (٥).

قال ابن دقيق العيد (٦): وينبغي أن يُتنبه للفرق بين دلالة السبب والسياق والقرائن على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب، فإن بين المقامين فرقًا واضحًا، ومن أجراهما مجرى واحدًا لم يصب، فإن مجرد ورود العام على سبب لا يقتضي التخصيص (٧) به كنزول آية السرقة في


(١) برقم (١٦٨٥) من كتابنا هذا.
(٢) برقم (١٦٧٩) من كتابنا هذا.
(٣) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٤) انظر: إرشاد الفحول (ص ٤٥٤) بتحقيقي، والبحر المحيط (٣/ ٦٩٨).
(٥) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٥٣٥): "والحق أن دلالة السياق إن قامت مقام القرائن القوية المقتضية لتعيين المراد كان المخصص هو ما اشتملت عليه من ذلك، كان لم يكن السياق بهذا المنزلة ولا أفاد هذا المفاد فليس بمخصص" اهـ.
(٦) في "إحكام الأحكام" (٢/ ٢٢٥).
(٧) قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام كما في "البحر المحيط" (٣/ ٣٨٠): "نص بعض أكابر الأصوليين على أن العموم يُخصُّ بالقِران، قال: ويشهد له مخاطبات الناس بعضهم بعضًا، حيث يقطعون في بعض المخاطبات بعدم العموم بناء على القرينة، والشرع يخاطب الناس بحسب تعارفهم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>