للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشكل على هذا قول عائشة المتقدم (١): "لا يبالي من أي الشهر صام".

وأجيب عن ذلك بأن النبي لعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز وكل ذلك في حقه أفضل والذي أمر به قد أخبر به أمته ووصاهم به وعينه لهم، فيحمل مطلق الثلاث على الثلاث المقيدة بالأيام المعينة.

واختار النخعي وآخرون أنها آخر الشهر واختار الحسن البصري وجماعة أنها من أوله.

واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده للحديث المذكور في الباب (٢) عنها.

وقال البيهقي (٣): "كان النبيّ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام، كما في حديث عائشة (٤)، قال: فكل من رآه فعل نوعًا ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت.

وقال الروياني (٥): صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب. وفي حديث رفعه ابن عمر (٦): "أول اثنين في الشهر وخميسان بعده". وروي عن مالك (٧) أنه يكره تعيين الثلاث.

قال في الفتح (٨): وفي كلام غير واحد من العلماء: إن استحباب صيام أيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. انتهى.

وهذا هو الحقّ، لأن حمل المطلق على المقيد ههنا متعذر.


(١) أخرجه مسلم رقم (١٩٤/ ١١٦٠) وقد تقدم.
(٢) برقم (١٧٣٧) من كتابنا هذا.
(٣) في السنن الكبرى (٤/ ٢٩٥).
(٤) عند مسلم في صحيحه رقم (١٩٤/ ١١٦٠).
(٥) في "بحر المذهب" (٤/ ٣٤٣).
(٦) لم أقف عليه من حديث ابن عمر. بل أخرجه البيهقي في السنن الكبرى من حديث أم سلمة (٤/ ٢٩٥) بهذا اللفظ.
(٧) التسهيل (٣/ ٨٠٠).
(٨) (٤/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>