للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حزم (١): يحرم، ويدلّ للتحريم حديث أبي موسى (٢) المذكور في الباب لما فيه من الوعيد الشديد.

وذهب الجمهور كما في الفتح (٣) إلى استحباب صومه.

وأجابوا عن حديث ابن عمرو (٤) وحديث أبي قتادة (٥) بأنه محمول على من كان يدخل على نفسه مشقة أو يفوت حقًّا، قالوا: ولذلك لم ينه حمزة بن عمرو الأسلمي، وقد قال له: "يا رسول الله إني أسرد الصوم".

ويجاب عن هذا بأن سرد الصوم لا يستلزم صوم الدهر، بل المراد أنه كان كثير الصوم كما وقع في رواية الجماعة المتقدمة (٦) في باب الفطر والصوم في السفر.

ويؤيد عدم الاستلزام ما أخرجه أحمد (٧) من حديث أسامة: "أن النبيّ كان يسرد الصوم مع ما ثبت أنه لم يصم شهرًا كاملًا إلا رمضان.

وأجابوا عن حديث أبي موسى (٢) بحمله على من صامه جميعًا ولم يفطر في الأيام المنهي عنها كالعيدين وأيام التشريق، وهذا هو اختيار ابن المنذر وطائفة.

وأجيب عنه بأن قول النبيّ : "لا صام ولا أفطر لمن سأله عن صوم الدهر أن معناه: أنه لا أجر له ولا إثم عليه، ومن صام الأيام المحرمة لا يقال فيه ذلك لأنه أثم بصومها بالإجماع.

وحكى الأثرم عن مسدد أنه قال: معنى حديث أبي موسى (٢): "ضيقت عليه جهنم فلا يدخلها".

وحكى مثله ابن خزيمة (٨) عن المزني ورجحه الغزالي (٩). والملجئ إلى هذا التأويل أن من ازداد لله عملًا صالحًا ازداد عنده رفعة وكرامة.


(١) المحلى (٧/ ١٦).
(٢) تقدم برقم (١٧٤٢) من كتابنا هذا.
(٣) (٤/ ٢٢٢).
(٤) تقدم برقم (١٧٤٠) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (١٧٤١) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (١٦٧٧) في الباب الأول من كتابنا هذا.
(٧) في المسند (٥/ ٢٠١) بسند حسن.
(٨) في صحيحه (٣/ ٣١٣).
(٩) في إحياء علوم الدين له (١/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>