للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في الفتح (١): وتعقب بأن ليس كل عمل صالح إذا ازداد العبد منه ازداد من الله تقربًا، بل ربّ عمل صالح إذا ازداد منه ازداد بعدًا كالصلاة في الأوقات المكروهة. انتهى.

وأيضًا لو كان المراد ما ذكروه لقال: ضيقت عنه. واستدلوا على الاستحباب بما وقع في بعض طرق حديث عبد الله بن عمرو (٢) بلفظ: "فإن الحسنة بعشرة أمثالها"، وذلك مثل صيام الدهر.

وبما تقدم في حديث (٣): "من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوّال فكأنما صام الدهر".

وبما تقدم (٤) في صيام أيام البيض أنه مثل صوم الدهر.

قالوا: والمشبه به أفضل من المشبه، فكان صيام الدهر أفضل من هذه المشبهات فيكون مستحبًا وهو المطلوب.

قال الحافظ (٥): وتعقب بأن التشبيه في الأمر المقدر لا يقتضي جواز المشبه به فضلًا عن استحبابه، وإنما المراد حصول الثواب على تقدير مشروعية صيام ثلثمائة وستين يومًا.

ومن المعلوم أن المكلف لا يجوز له صيام جميع السَّنة فلا يدل التشبيه على أفضلية المشبه به من كل وجه.

واختلف المجوِّزون لصيام الدهر، هل هو الأفضل، أو صيام يوم وإفطار يوم؟

فذهب جماعة منهم إلى أن صوم الدهر أفضل، واستدلوا على ذلك بأنه أكثر عملًا فيكون أكثر أجرًا.

وتعقبه ابن دقيق العيد (٦) بأن زيادة الأجر بزيادة العمل ههنا معارضة باقتضاء


(١) (٤/ ٢٢٣).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٩٧٦) ومسلم رقم (١٨١/ ١١٥٩).
(٣) تقدم برقم (١٧٠٥) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (١٧٣٦) من كتابنا هذا.
(٥) في "الفتح" (٤/ ٢٢٣).
(٦) في إحكام الأحكام (٢/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>