للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي بالحديث أعظمُ من اشتغالِ أهلِ سائرِ الفنون بفنونهم، وتنقيحَهم له، وتهذيبَه، والبحثَ عن صحيحه، ومعرفةَ عللهِ، والإحاطةَ بأحوال رُواتهِ وإتعابَ أنفسِهم في هذا الشأن، ما لا يَتعَبُه أحدٌ من أهلِ الفنون في فنونهم، حتى صارَ طالبُ الحديثِ في تلك العُصورِ لا يكونُ طالبًا إلا بعد أن يَرْحلَ إلى أقطارٍ متباينةٍ، ويسمعَ من شيوخٍ عدَّةٍ، ويعرِفَ العاليَ والنازلَ وغيرَه على وجه لا يخفى عليه مخْرَجُ الحرفِ الواحدِ من الحديث الواحدِ، فضلًا عن زيادة على ذلك" اهـ.

ثم أضاف في كتابه "أدب الطلب" (١) منتقدًا علماءَ كبارًا لعدم دراستِهم علومَ الحديثِ وفنونَه: "ومن أراد الوقوفَ على حقيقةِ هذا فلينظرْ مؤلفاتِ جماعةٍ هم في الفقه بأعلى رُتبةٍ، مع التبحُّرِ في فنودب كثيرةٍ: كالجُويني [ت: ٤٧٨ هـ / ١٠٨٥]، والغزاليِّ [ت: ٥٠٥ هـ/ ١١١١ م] وأمثالِهما، فإنهم إذا أرادُوا أن يتكلموا في الحديثِ جاؤُوا بما يُضحكُ سامِعَه وَيَعْجَب، لأنهم يوردونَ الموضوعات فضلًا عن الضِعاف، ولا يعرِفُون ذلك، ولا يفطَنون له، ولا يفرّقون بينه وبين غيرهِ، وسببُ ذلك عدمُ اشتغالِهم بفنِّ الحديثِ كما ينبغي" اهـ.

فلذا نجد الشوكانيَّ قد عكَف في أوائل الطلبِ، ومَيْعةِ الشباب على دراسة الحديثِ الشريف وعلومِه بجهد كبير، وفهم حصيف، وإدراكٍ بالغ، باعترافِ شيوخه وهم كبارٌ في عصره (٢). فأخذ عنهم "الصِّحاحَ" و "السننَ" و "المسانيدَ" و "المعاجِمَ" و "المستدرَكاتِ" و "التخاريجَ" و "الشروحَ" بالإضافة إلى دراسة علمِ "مصطلح الحديث" وأنواعِه، ومعرفةِ دَرَجاتِ علمائهِ، وسلاسل رجالِهِ ورواتِه،


(١) ص ٦٤ - ٦٥ بتحقيقنا.
(٢) انظر: "إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر" للشوكاني - بتحقيقنا - لترى أسماء المشايخ الأعلام الذين حدَّث عنهم الشوكاني هذه الكتب بالسماع والإجازة، وتعلْمَ معارفَه الواسعةَ بعلم الحديثِ وطرق مروياتِه لأمهاته:
فانظر: رقم (٨) و (٣١) و (٤٠) و (٤٣) و (٤٥) و (٧١) و (٨٥) و (١٢٦) و (١٣٧) و (١٧٨) و (١٨٣) و (١٨٤) و (١٨٥) و (١٨٦) و (١٨٧) و (١٨٨) و (٢٤٤) و (٢٥٠) و (٢٥١) و (٢٥٢) و (٢٦٧) و (٣٢٥) و (٣٤٣) و (٣٤٦) و (٣٥٥) و (٣٥٦) و (٣٥٧) و (٣٥٨) و (٣٥٩) و (٣٦٠) و (٣٦١) و (٣٦٢) و (٣٦٣) و (٣٦٤) و (٣٦٥) و (٣٦٦) و (٣٦٨) و (٣٧٢) و (٣٧٣) و (٣٧٤) (٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>