وأنكر دلالة الاقترانِ الجمهورُ، فقالوا: إنَّ الاقترانَ في النظْم لا يستلزم الاقترانَ في الحكم. واحتج المثْبِتون لها بأنَّ العطفَ يقتضي المشاركَة، وأجاب الجمهور بأنَّ الشِّرْكةَ إنما تكون في المتعاطِفات الناقصةِ المحتاجة إلى ما تتِمُّ به، فإذا تمَّتْ بنفسها فلا مُشاركةَ كما في قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ [الفتح: ٢٩]، فإن الجملةَ الثانيةَ معطوفةٌ على الأولى ولا تُشاركُها في الرسالة، ونحوُ ذلك كثير في الكتاب والسنة. والأصلُ في كل كلام تامٍّ أن ينفرِدَ بحُكمه ولا يُشاركُه غيرُه فيه فيمن ادَّعى خلافَ هذا في بعض المواضع فلدليلٍ خارجيٍّ، ولا نزاعَ فيما كان كذلك، ولكنَّ الدَّلالة فيه ليست للاقترانِ بل للدليل الخارجي. أما إذا كان المعطوف ناقصًا بأن لا يُذكَرَ خبرُه كقول القائل: فلانةٌ طالقٌ وفلانةٌ. فلا خلافَ في المشاركة ومثلُه عطْفُ المفرداتِ، وإذا كان بينهما مشاركةٌ في العلة فالتشارُكُ في الحكم إنما كان لأجلها لا لأجل الاقتران. وقد احتج الشافعيُّ على وجوب العُمرةِ بقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، قال البيهقي - في السنن الكبرى (٤/ ٣٥١) -: قال الشافعيُّ: الوجوبُ أشبَهُ بظاهر القرآنِ لأنه قَرَنَها بالحج، انتهى. قال القاضي أبو الطيب: قولُ ابن عباسٍ: "إنها لقرينتُها"، إنما أراد أنها قرينةُ الحجِّ في الأمر وهو قولُه ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، والأمر يقتضي الوجوب فكان احتجاجُه بالأمر دون الاقترانِ. وقال الصّيرفيُّ في شرح الرسالة - كما في البحر المحيط (٦/ ١٠٠) - في حديث أبي سعيدٍ =