للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: إن وقوع العمرة في جواب من سأل عن الإِسلام يدلّ على الوجوب، فيقال: ليس كل أمر من الإِسلام واجبًا، والدليل على ذلك حديث شعب الإِسلام والإِيمان (١)، فإنه اشتمل على أمور ليست بواجبة بالإِجماع.

قوله: (كفارة لما بينهما)، أشار ابن عبد البر (٢) إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر. قال: وذهب بعض العلماء من عصرنا إلى أن المراد تعميم ذلك، ثم بالغ في الإِنكار عليه.

وقد تقدم البحث عن مثل هذا في مواضع من هذا الشرح.

وقد استشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر، [فماذا] (٣) تكفر العمرة؟.

وأجيب بأن تكفير العمرة مقيد بزمنها، وتكفير الاجتناب للكبائر عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية.


= "وغسُلُ الجمعةِ على كل محتلمٍ والسِّواكُ وأن يَمَسَّ الطِّيبَ" - وهو حديث صحيح أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٣٤) - فيه دلالةُ على أن الغسلَ غيرُ واجبٍ لأنه قَرَنَه بالسّواك والطِّيبَ وهما غيرُ واجِبين بالاتفاق. والمرويُّ عن الحنفية كما حكاه الزركشيُّ عنهم في البحر - (٦/ ١٠١) - أنها إذا عُطِفت جُملةٌ على جملة فإن كانتا تامَّتين كانت المشاركةُ في أصل الحكم لا في جميع صفاته وقد لا تقتضي المشاركةَ أصلًا وهي التي تسمى واو الاستئنافِ كقوله تعالى: ﴿فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ [الشورى: ٢٤]، فإن قولَه: ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ جملةٌ مستأنفةٌ لا تعلُّقَّ لها بما قبلها، ولا هي داخلةٌ في جواب الشرط، وإن كانت الثانية ناقصةً شاركت الأولى في جميع ما هي عليه". اهـ.
(١) يشير المؤلف إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٩) ومسلم رقم (٣٥) وأبو داود رقم (٤٦٧٦) والترمذي رقم (٢٦١٧) والنسائي (٨/ ١١٠) وابن ماجه رقم (٥٧) وأحمد في المسند (٢/ ٤٤٥).
عن أبي هريرة عن النبي قال: "الإيمانُ بِضْعٌ وسبعونَ، أو بِضْعُ وستونَ شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الأيمان.
وانظر: "فتح الباري" (١/ ٤٩ - ٥٠).
(٢) في التمهيد (٢/ ١٨٣ - ١٨٦).
(٣) في المخطوط (ب): (فما).

<<  <  ج: ص:  >  >>