للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جعل البخاري (١) هذا الحديث من جملة أدلة وجوب العمرة وفضلها وهو لا يصلح للاستدلال به على الوجوب.

وقد قيل: إنه أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكور وهو ما أخرجه الترمذي (٢) وغيره من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة".

فإن ظاهره التسوية بين أصل الحج والعمرة، ولكن الحقّ ما أسلفناه، لأن هذا استدلال بمجرد الاقتران وقد تقدم ما فيه، وأما الأمر بالمتابعة فهو مصروف عن معناه الحقيقي بما سلف.

وفي الحديث دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية (٣)، ولمن قال: يكره أكثر من مرة في الشهر من غيرهم.


(١) في صحيحه رقم الباب (٢٦): باب العمرة: وجوب العمرة وفضلها.
(٢) في سننه رقم (٨١٠) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
قلت: وأخرجه النسائي (٥/ ١١٥ - ١١٦) وأحمد في المسند (١/ ٣٨٧).
وأبو يعلى رقم (٤٩٧٦) وابن خزيمة رقم (٢٥١٢) والطبري في جامع البيان رقم (٣٩٥٦) والبغوي في شرح السنة رقم (١٨٤٣) والطبراني في الكبير رقم (١٠٤٠٦) وأبو نعيم في الحلية (٤/ ١١٠) من طرق.
قال أبو الأشبال في تعليقه على المسند (٥/ ٢٤٤ رقم ٣٦٦٩): "إسناده صحيح".
قلت: في سنده أبو خالد الأحمر، سليمان بن حيان الأزدي، قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة: (٢٥٤٧): صدوق يخطئ.
وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث في أقل أحواله، وهو قريبٌ من الثقة، وثقه وكيع، وابن المديني، وأبو هشام الرفاعي، وابن سعد، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات …
أخرج له البخاري ثلاثة أحاديث فقد توبع عليها جميعًا، واحتج به مسلم". اهـ.
وخلاصة القول: أن حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن، والله أعلم.
(٣) عيون المجالس (٢/ ٧٧٧ - ٧٧٨)، وقوانين الأحكام الشرعية، لابن جزيّ (ص ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>