للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالَ البيهقيُّ (١): "أَحسَنُ الحججِ أن يُحتجَّ بحديثِ أبي هريرةَ المذكورِ في الباب أن إبراهيم اختتنَ وهم ابنُ ثمانينَ سنة، وقد قالَ اللَّهُ تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ (٢). وصحَّ عن ابن عباسٍ (٣) أنَّ الكلماتِ التي ابتُلي بِهنَّ إبراهيمُ فأتمهنَّ هُنَّ خِصَالُ الفِطرةِ ومنهنَّ الخِتانُ. والابتلاءُ غالبًا إنما يقعُ بما يكونُ واجِبًا. وتُعُقِّبَ بأنه لا يلزمُ ما ذُكِرَ إلَّا إنْ كانَ إبراهيمُ فعلَهُ على سبيلِ الوجوبِ، فإنه من الجائِزِ أن يكونَ فعلُه على سبيلِ الندبِ فيحصلُ امتثالُ الأمرِ باتباعِهِ على وفْقِ ما فعلَ، وقد تقررَ أن الأفعالَ لا تدلُّ على الوجوبِ. وأيضًا فباقي الكلماتِ العشْرِ ليستْ واجبةً.

وقالَ الماوردي: إنَّ إبراهيمَ لا يفعلُ ذلكَ في مثلِ سِنِّهِ إلا عنْ أمرٍ منَ اللَّهِ.

والحاصلُ أن الاستدلالَ بفعلِ إبراهيمَ على الوجوبِ يتوقَّفُ على أنهُ كان عليهِ واجبًا، فإن ثبتَ ذلكَ استقامَ الاستدلالُ.

١٥/ ١٣٢ - (وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: سئِلَ ابْنُ عَبَّاس: مِثْلُ مَنْ أنْتَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ الله ، قالَ: أنا يَوْمَئذٍ مَخْتونٌ، وكانوا لا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ. رَواهُ البُخارِيُّ) (٤). [صحيح]


(١) في السنن الكبرى (٨/ ٣٢٥).
(٢) سورة النحل: الآية ١٢٣.
(٣) أخرج الطبري في "جامع البيان" رقم (١٩١٠ - شاكر) وعبد الرزاق في تفسيره (١/ ٥٧) وابن أبي حاتم في تفسيره رقم (١١٧٢) والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٤٩) والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٦٦) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي:
عن ابن عباس: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ قال: ابتلاه الله بالطهارة، خمسٌ في الرأس، وخمس في الجسد. في الرأس: قصُّ الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواكُ، وفَرْقَ الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحَلق العانة، والخِتانِ، ونتفُ الإبط، وغسل أثر الغائط والبول بالماء".
بسند صحيح.
قلت: وانظر "جامع البيان" رقم (١٩١١) و (١٩١٢) و (١٩١٣) و (١٩١٤).
وانظر: تفسير ابن أبي حاتم رقم (١١٧٥).
وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (١١/ ٨٨ رقم ٦٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>