للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أحمد بن حنبل بعد أن ساقه: أيش في هذا الحديث من العجب؟ هذا خطأ، فقلت له: الزهري عن عروة عن عائشة بخلافه، قال: نعم وهشام بن عروة، وقد أنكره ابن حزم، وأنكر حديث يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة بنحوه عند مسلم وقال: لا خفاء في نكرة حديث أبي الأسود ووهنه وبطلانه.

والعجب كيف جاز على من رواه.

قال: وأسلم الوجوه للحديثين المذكورين عن عائشة أن [تخرج] (١) روايتهما على أن المراد بقولها: إن الذين أهلُّوا بحجّ أو بحج وعمرة [لم] (٢) يحلوا، إنها عنت بذلك من كان معه الهدي لأن الزهري قد خالفهما وهو أحفظ منهما، وكذلك خالفهما غيره ممن له مزيد اختصاص بعائشة، ثم إن حديثيهما موقوفان غير مسندين؛ لأنهما إنما ذكرا عنها فعل من فعل ما ذكرت دون أن يذكرا أن النبي أمرهم أن لا يحلوا، ولا حجة في أحد دون النبيّ فلو صحّ ما ذكراه، وقد صحّ أمر النبيّ من لا هدي معه بالفسخ، فتمادى المأمورون بذلك ولم يحلوا لكانوا عصاة لله، وقد أعاذهم الله من ذلك وبرأهم منه، قال: فثبت يقينًا أن حديث أبي الأسود ويحيى إنما عنى فيه من كان معه هدي، وهكذا جاءت الأحاديث الصحاح بأنه أمر من معه الهدي بأن يجمع حجًا مع العمرة ثم لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا.

ومن جملة ما تمسك به المانعون من الفسخ أنه إذا اختلف الصحابة ومن بعدهم في جواز الفسخ فالاحتياط يقتضي المنع منه صيانة للعبادة.

وأجيب بأن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين السنة، فإذا ثبت فالاحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن الاحتياط نوعان: احتياط للخروج من خلاف العلماء، واحتياط للخروج من خلاف السنة ولا يخفى رجحان الثاني على الأول.


(١) في المخطوط (ب): (يخرج).
(٢) في المخطوط (ب): (ولم).

<<  <  ج: ص:  >  >>