للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فقرأ فاتحة الكتاب) إلخ، فيه استحباب القراءة بهاتين السورتين مع فاتحة الكتاب واستلام الركن بعد الفراغ.

وقد اختلف في وجوب هاتين الركعتين، فذهب أبو حنيفة (١) وهو مروي عن الشافعي في أحد قوليه (٢): إلى أنهما واجبتان وبه قال الهادي والقاسم (٣).

واستدلُّوا بالآية المذكورة.

وأجيب عن ذلك بأن الأمر فيها إنما هو باتخاذ المصلى لا بالصلاة، وقد قال الحسن البصري وغيره: إن قوله: مصلى أي قبلة، وقال مجاهد (٤): أي مدعى يدعى عنده.

قال الحافظ (٥): ولا يصح حمله على مكان الصلاة لأنه لا يصلى فيه بل عنده.

قال (٦): ويترجح قول الحسن بأنه جار على المعنى الشرعي.

واستدلُّوا ثانيًا بالأحاديث التي فيها أن النبي صلى ركعتين بعد فراغه من الطواف ولازم ذلك من جملتها ما ذكره المصنف في الباب.

قالوا: وهي بيان مجمل واجب فيكون ما اشتملت عليه واجبًا.


= عندنا ما قاله القائلون إن مقام إبراهيم: هو المقام المعروف بهذا الاسم، الذي هو في المسجد الحرام.
لما روينا آنفًا عن عمر بن الخطاب، ولما حدثنا يوسف بن سليمان، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: استلم رسول الله الركن، فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥]، فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين.
فهذان الخبران ينبئان أن الله تعالى ذكره، إنما عنى بمقام إبراهيم، الذي أمرنا الله باتخاذه مصلى هو الذي وصفنا، ولو لم يكن على صحة ما اخترنا في تأويل ذلك خبر عن رسول الله ، لكان الواجب فيه القول ما قلنا. وذلك أن الكلام محمول معناه على ظاهره المعروف دون باطنه المجهول، حثى يأتي ما يدل على خلاف ذلك مما يجب التسليم له" اهـ.
(١) البناية في شرح الهداية (٤/ ٧٩).
(٢) المجموع شرح المهذب (٨/ ٦٧).
(٣) البحر الزخار (٢/ ٣٤٩).
(٤) تقدم في الصفحة السابقة الحاشية رقم (٨).
(٥) في "الفتح" (١/ ٤٩٩).
(٦) أي الحافظ في "الفتح" (١/ ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>