للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نسكٍ: إما في حجّ أو عمرةٍ، وقد ثبت أنه حلق في حجَّته فتعين أن يكون في عمرة ولا سيما وقد روى مسلم (١) أن ذلك كان في المروة.

وهذا يحتمل أن يكون في عمرة القضية أو الجِعْرانة، ولكن قوله في الرواية الأخرى (٢): في أيام العشر يدل على أن ذلك كان في حجة الوداع لأنه لم يحج غيرها، وفيه نظر لأن النبي لم يحل حتى بلغ الهدي محله كما تقدم في الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرها.

وقد بالغ النووي (٣) في الرد على من زعم ذلك كان في حجة الوداع فقال: هذا الحديث محمولٌ على أن معاوية قصّر عن رسول الله في عمرة الجِعْرانة لأن النبي في حجَّة الوداع كان قارنًا، وثبت أنه حلق بمنى وفرّق أبو طلحة (٤) شعره بين الناس (٥).

فلا يصح حمل تقصير معاوية على حجة الوداع.


(١) في صحيحه رقم (٢١٠/ ١٢٤٦).
(٢) أحمد في المسند (٤/ ٩٢).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (٨/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٤) هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري أبو طلحة المدني، شهد المشاهد كلها مع رسول الله وهو أحد النقباء، كان زوج أم سليم أم أنس بن مالك، توفي بالمدينة سنة (٣٤ هـ)، وقيل غير ذلك.
[أسد الغابة رقم (١٨٤٣) والإصابة رقم (٢٩١٢) والاستيعاب. رقم (٨٥٥)].
(٥) أخرج مسلم في صحيحه رقم (٣٢٦/ ١٣٠٥) عن أنس بن مالك قال: لما رمى رسول الله الجمرة، ونحر نسكه وحَلَق، ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال "احلِقْ" فحلقه، فأعطاه أبا طلحة. فقال: "أقسِمْه بين الناس".
وفي هذا الحديث ثبت أن الصحابة كانوا يتبركون بشعر النبي ، وأنه أقرهم على ذلك.
ولم يؤثر عن النبي أنه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة أو غيرهم سواء بذواتهم أو بآثارهم، أو أرشد إلى شيء من ذلك.
وكذا فلم ينقل حصول هذا النوع من التبرك من قبل الصحابة بغيره لا في حياته ولا بعد مماته .
ولم يفعله الصحابة مع السابقين منهم إلى الإسلام وفضلائهم مثلًا، ومنهم الخلفاء الراشدون - وهم أفضل الصحابة - وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم.
[الاعتصام للشاطبي (٢/ ٢٨٦ - ٢٨٧) والتبرك (ص ٢٦١ - ٢٦٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>