للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزادَ أحمدُ (١) قالَ: وَجاءَ أبُو بَكرٍ بأبي قُحافَةَ إلى رَسُولِ الله يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلَهُ حتَّى وَضعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله ، فقالَ رَسُولُ الله لأبي بَكرٍ: "لَوْ أقْررتَ الشَّيْخ في بَيِتِهِ لأَتيْناهُ"، تَكْرِمَةً لِأبي بَكرٍ، فأسْلمَ، ولِحيَتُهُ وَرَأسُهُ كالثَّغَامةِ بَيَاضًا، فقالَ رسُولُ الله : "غَيِّرُوهما وَجَنِّبُوهُ السَّوادَ"). [صحيح]

قصة أبي قحافة قد تقدَّم الكلام عليها، وفي هذه الرواية زيادة الأمر بتغيير بياض اللحية. وحديث أَنس وإنكاره لخضاب النَّبي يعارضه ما سيأتي من حديث ابن عمر (٢): "أَن النبي كان يصفر لحيته بالوَرْس والزعفران"، وما سبق من حديثه (٣): "أَنه كان يصبغ بالصفرة"، وما في الصحيحين (٤)، وإن كان أرجح مما كان خارجًا عنهما، ولكن عدم علم أنس بوقوع الخضاب منه لا يستلزم العدم، ورواية من أَثبت أَولى من روايته؛ لأن غاية ما في روايته أَنه لم يعلم وقد علم غيره (٥).

وأَيضًا قد ثبت في صحيح البخاري (٦) ما يدل على اختضابه كما سيأتي، على أنه لو فرض عدم ثبوت اختضابه لما كان قادحًا في سنية الخضاب؛ لورود الإِرشاد إليها قولًا في الأحاديث الصحيحة.

قال ابن القيم (٧): (واختلف الصحابة في خِضابه فقال أَنس: لم يخضِبْ. وقال أبو هريرة: خضب. وقد روى حماد بن سلمة عن حُميد عن أنس قال: "رأيت شعر رسول الله مخضوبًا"، قال حماد: وأخبرني عبد الله بن محمد بن


(١) في المسند (١٠/ ٥١٩ رقم ١٢٥٧٢ - الزين) بسند صحيح.
وقد تقدم تخريجه آنفًا.
(٢) رقم (٢٤/ ١٤١) من كتابنا هذا.
(٣) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (٢١/ ١٣٨) من كتابنا هذا.
(٤) البخاري رقم (١٦٦) ومسلم رقم (١١٨٧) من حديث ابن عمر وقد تقدم.
(٥) وقد تقدم كلام الحافظ ابن حجر، والإمام مسلم، وابن كثير، خلال شرح الحديث رقم (٢١/ ١٣٨) من كتابنا هذا.
(٦) في صحيحه رقم (٥٨٩٦) و (٥٨٩٧) و (٥٨٩٨) من حديث عثمان بن عبد الله بن موهب. وسيأتي رقم (٢٣/ ١٤٠) من كتابنا هذا.
(٧) في "زاد المعاد" (١/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>