للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الأحاديث المرخصة في تقديم ما وقع عنه تأخيره قد قرنت بقول السائل: لم أشعر، فيختص هذا الحكم بهذه الحالة وتبقى صورة العمد على أصل وجوب الاتباع في الحج.

وأيضًا الحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرًا لم يجز إطراحه، ولا شك أن عدم الشعور مناسب لعدم المؤاخذة وقد علق به الحكم فلا يجوز إطراحه بإلحاق العمد به إذ لا يساويه.

وأما التمسك بقول الراوي: فما سئل عن شيء إلخ، لإشعاره بأن الترتيب مطلقًا غير مراعى، فجوابه: أن هذا الإخبار من الراوي يتعلق بما وقع السؤال عنه وهو مطلق بالنسبة إلى حال السائل، والمطلق لا يدل على أحد الخاصين بعينه فلا يبقى حجة في حال العمد كذا في الفتح (١).

ولا يخفاك أن السؤال له وقع من جماعة كما في حديث أسامة بن شريك عند الطحاوي (٢) وغيره كان الأعراب يسألونه.

ولفظ حديثه عند أبي داود (٣) قال: "خرجت مع النبي حاجًّا فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدَّمت شيئًا أو أخَّرت شيئًا، فكان يقول: "لا حرج لا حرج"، ويدل على تعدد السائلين قول ابن عمرو (٤) في حديثه المذكور في الباب: وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلخ. وقول عليّ (٥) في حديثه المذكور: وأتاه آخر وكذلك.

قوله: (وجاء آخر) وتعليق سؤال بعضهم بعدم الشعور لا يستلزم تعليق سؤال غيره به حتى يقال: إنه يختص الحكم بحالة عدم الشعور، ولا يجوز إطراحها بإلحاق العمد بها، وبهذا يعلم أن التعويل في التخصيص على وصف عدم الشعور المذكور في سؤال بعض السائلين غير مفيد للمطلوب.

نعم إخبار ابن عمرو عن أعم العام وهو قوله: "فما سئل يومئذٍ عن شيء"


(١) (٣/ ٥٧٢).
(٢) في شرح معاني الآثار (٢/ ٢٣٨).
(٣) في سننه رقم (٢٠١٥)، وهو حديث صحيح.
(٤) تقدم برقم (٢٠٢٥) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (٢٠٢٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>