للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث الثاني يدل على أن العلة في شرعية الصباغ وتغيير الشيب هي مخالفة اليهود والنصارى وبهذا يتأكد استحباب الخضاب، وقد كان رسول الله يبالغ في مخالفة أهل الكتاب ويأمر بها، وهذه السنة قد كثر اشتغال السلف بها، ولهذا ترى المؤرخين في التراجم لهم يقولون: وكان يخضب وكان لا يخضب.

قال ابن الجوزي (١): قد اختضب جماعة من الصحابة والتابعين.

وقال أحمد بن حنبل (٢) وقد رأى رجلًا قد خضب لحيته: إني لأرى رجلًا يحمى ميتًا من السنة، وفرح به حين رآه صبغ بها.

قال النووي (٣): "مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأَة بصفرة أَو حُمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح. قال: وللخضاب فائدتان: إحداهما: تنظيف الشعر مما تعلَّق به، والثانية: مخالفة أهل الكتاب.

قال في الفتح (٤): "وقد رخَّص فيه - أي في الخضب بالسواد - طائفة من السلف منهم سعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد، واختاره ابن أبي عاصم في "كتاب الخضاب"، وأجاب عن حديث ابن عباس (٥) رفعه: "يكون قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة" بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم.


= قلت: ويشهد له حديث أنس عند أحمد (٣/ ١٦٠) وأبي يعلى رقم (٢٨٣١) والحاكم (٣/ ٢٤٤) وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي على شرط البخاري.
والصحيح أنه على شرط مسلم. لأن محمد بن سلمة لم يخرج له البخاري.
تنبيه: تحرَّف في المطبوع من "المستدرك" محمد بن سلمة إلى محمد بن أبي سلمة.
وخلاصة القول أن حديث جابر صحيح بالشاهد، والله أعلم.
(١) في "الشيب والخضاب" مخطوط. في مكتبة جامعه الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رقم (١٠٧٤٤).
(٢) انظر: "كتاب الترجل من كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد بن حنبل" للخلَّال (ص ١١٨ - ١١٩ رقم ١٥٥).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ٨٠).
(٤) في "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(٥) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه والكلام عليه مفصلًا، خلال شرح الحديث (٢١/ ١٣٨) من كتابنا هذا. ص ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>