للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاب بان قول الصحابي ليس بحجة إذا انفرد، فكيف إذا عارض المرفوع؟.

قالوا: ثالثًا لم يأمر النبي أحدًا ممن أحصر معه في الحديبية بأن يقضي ولو لزمهم القضاء لأمرهم.

قال الشافعي (١): إنما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبي وبين قريش، لا على أنه أوجب عليهم قضاء تلك العمرة، وهذا هو الدليل الذي ينبغي التعويل عليه.

ولكنه يعارضه ما رواه الواقدي في المغازي (٢) من طريق الزهري، ومن طريق أبي معشر وغيرهما قالوا: أمر النبي أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم إلا من قتل بخيبر أو مات، وخرج جماعة معه معتمرين ممن لم يشهد الحديبية فكانت عدتهم ألفين.

قال في الفتح (٣): ويمكن الجمع بين هذا إن صح وبين الذي قبله بأن الأمر كان على طريق الاستحباب؛ لأن الشافعي جازم بان جماعة تخلفوا لغير عذر.

وقد روى الواقدي (٢) أيضًا من حديث ابن عمر قال: لم تكن هذه العمرة قضاء، ولكن كان شرطًا على قريش أن يعتمر المسلمون من قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه، انتهى.

ويمكن أن يقال: إن ترك أمره لا ينتهض لمعارضة ما تقدم مما يدل على وجوب القضاء؛ لأن ترك الأمر ربما كان لعلمهم بوجوب القضاء على من أحصر بدليل آخر كحديث الحجاج بن عمر (٤) لأن حكم الحج والعمرة واحد.

بقى هاهنا شيء هو أن قوله: (وعليه الحج من قابل)، وقوله: (وعليه حجة أخرى) يمكن أن يكون المراد [به] (٥) تأدية الحج المفروض أو ما كان يريد أداءه


(١) في الأم (٣/ ٤٠١).
(٢) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٢).
وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٧٣).
(٣) (٤/ ١٢).
(٤) تقدم برقم (٢٥٦٥) من كتابنا هذا.
(٥) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>