للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالزيارة وغيرها خارجة عن النهي.

وأجابوا ثانيًا بالإجماع على جواز شد الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا، وعلى وجوبه إلى عرفة للوقوف، وإلى منى للمناسك التي فيها، وإلى مزدلفة، وإلى الجهاد، والهجرة من دار الكفر، وعلى استحبابه لطلب العلم.

وأجابوا عن حديث: "لا تتخذوا قبري عيدًا" (١)، بأنه يدل على الحث على كثرة الزيارة لا على منعها، وأنَّه لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيدين.

ويؤيده قوله: "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا" (٢)، أي لا تتركوا الصلاة فيها كذا قال الحافظ المنذري.

وقال السبكي: معناه أنه لا تتخذوا لها وقتًا مخصوصًا لا تكون الزيارة إلا فيه، أو لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة والاجتماع للهو وغيره كما يفعل في الأعياد، بل لا يؤتى إلا للزيارة والدعاء والسلام والصلاة ثم ينصرف عنه.

وأجيب عما روي عن مالك من القول بكراهة زيارة قبره بأنه إنما قال بكراهة زيارة قبره قطعًا للذريعة.

وقيل: إنما كره إطلاق لفظ الزيارة لأنّ الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها، وزيارة قبره من السنن الواجبة، كذا قال عبد الحق.

واحتج أيضًا من قال بالمشروعية بأنه لم يزل دأب المسلمين القاصدين للحج [في] (٣) جميع الأزمان على تباين الديار واختلاف المذاهب الوصول إلى


(١) تقدم في الصفحة السابقة الحاشية رقم (١).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٨٤، ٣٣٧، ٣٧٨) ومسلم رقم (٢١٢/ ٧٨٠) وأبو داود رقم (٢٥٤٢) والترمذي رقم (٢٨٧٧).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(٣) في المخطوط (ب): (من).

<<  <  ج: ص:  >  >>