للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح، ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك".

قوله: (ما ليس عندك) أي ما ليس في ملكك وقدرتك، والظاهر أنه يصدق على العبد المغصوب الذي لا يقدر على انتزاعه ممن هو في يده، وعلى الآبق الذي لا يعرف مكانه، والطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه.

ويدل على ذلك معنى (عند) لغة. قال الرَّضيُّ: إنها تستعمل في الحاضر القريب وما هو في حوزتك وإن كان بعيدًا (١) انتهى، فيخرج عن هذا ما كان غائبًا خارجًا عن الملك أو داخلًا فيه خارجًا عن الحوزة، وظاهره أنه يقال لما كان حاضرًا وإن كان خارجًا عن الملك.

فمعنى قوله : "لا تبع ما ليس عندك"، أي ما ليس حاضرًا عندك ولا غائبًا في ملكك وتحت حوزتك.

قال البغوي (٢): النهي في [هذا] (٣) الحديث عن بيوع الأعيان التي لايملكها.

أما بيع شيء موصوف في ذمته فيجوز فيه السَّلَم بشروطه، فلو باع شيئًا موصوفًا في ذمته عام الوجود عند المحل المشروط في البيع جاز، وإن لم يكن المبيع موجودًا في ملكه [حالة] (٤) العقد كالسَّلَم.

قال: وفي معنى بيع ما ليس عنده في الفساد بيع الطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه إلى محله، فإن اعتاد الطائر أن يعود ليلًا لم يصح عند الأكثر إلا النحل فإن الأصح فيه الصحة كما قاله النووي في زيادات الروضة، وظاهر النهي تحريم [بيع] (٥) ما لم يكن في ملك الإنسان ولا داخلًا تحت مقدرته.

وقد استثني من ذلك السَّلَم، فتكون أدلة جوازه مخصصة لهذا العموم، وكذلك إذا كان المبيع في ذمة المشتري إذ هو كالحاضر المقبوض.


(١) انظر: "تاج العروس" (٥/ ١٣١).
(٢) في شرح السنة (٨/ ١٤٠ - ١٤١).
(٣) زيادة من المخطوط (أ).
(٤) في المخطوط (ب): (حال).
(٥) سقطت من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>