للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكم في غيره، نعم لو لم يوجد في الباب إلا الأحاديث التي فيها إطلاق لفظ الطعام لأمكن أن يقال: إنه يحمل المطلق على المقيد بالكيل والوزن.

وأما بعد التصريح بالنهي عن بيع الجزاف قبل قبضه كما في حديث ابن عمر فيتحتم المصير إلى أن حكم الطعام متحد من غير فرق بين الجزاف وغيره.

ورجح صاحب ضوء النهار (١) أن هذا الحكم، أعني تحريم بيع الشيء قبل قبضه مختص بالجزاف دون المكيل والموزون وسائر المبيعات من غير الطعام، وحكي هذا عن مالك.

ويجاب عنه بما تقدم من إطلاق الطعام والتصريح بما هو أعم منه كما في حديث حكيم، والتنصيص على تحريم بيع المكيل من الطعام والموزون كما في حديث ابن عمر وجابر، وما حكاه عن مالك خلاف ما حكاه عنه غيره، فإن صاحب الفتح (٢) حكى عنه ما تقدم، وهو مقابل لما حكاه عنه، وكذلك روى عن مالك ما يخالف ذلك ابن دقيق العيد (٣) وابن القيم (٤) وابن رشد في أبداية، (٥) المجتهد (٦) وغيرهم.

وقد سبق صاحب ضوء النهار إلى هذا المذهب ابن المنذر، ولكنه لم يخصص بعض الطعام دون بعض، بل سوَّى بين الجزاف وغيره، ونفى اعتبار القبض عن غير الطعام.

وقد حكى ابن القيم في بدائع الفوائد (٧) عن أصحاب مالك كقول ابن


(١) (٣/ ١١٢٨).
(٢) (٤/ ٣٥١).
(٣) في "إحكام الأحكام" (٣/ ١٥٠).
(٤) في "بدائع الفوائد" (٣/ ٢٥٠ - ٢٥١).
(٥) في المخطوط (ب): (نهاية).
(٦) (٣/ ٢٨٢ وما بعدها).
(٧) قال ابن القيم في بدائع الفوائد (٢/ ٢٥٠ - ٢٥١): "فائدة: نهى رسول الله عن بيع الطعام قبل قبضه ونهى عن بيع ما لم يقبض في حديث حكيم بن حزام، وزيد بن ثابت.
فقال أصحاب مالك: النهي مخصوص بالطعام دون غيره.
فمنهم من قال: هو من باب حمل المطلق على المقيد وهو فاسد كما تقدم، فإنه عام وخاص، ولفظه: "إذا اشتريت شيئًا فلا تبعه حتى تقبضه".
ومنهم من قال: خاص وعام تعارضا فقدم الخاص على العام وهو أفسد من الأول إذ لا تعارض بين ذكر الشيء بحكم وذكر بعضه به بعينه.
ومنهم من قال: هو من باب تخصيص العموم بالمفهوم وهذا المأخذ أقرب لكنه ضعيف =

<<  <  ج: ص:  >  >>