للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيع المسلم للمسلم الذي بينه الشارع للأمة، وليس بيع الغش والخداع داخلًا في مسمى هذا البيع الشرعي، كما أنه لا يدخل فيه بيع الربا وغيره مما لا يحل شرعًا، فلا يكون البيع باعتبار ما ليس بيعًا شرعيًا أعم من وجه حتى يحتاج إلى طلب مرجح بين العمومين، لأن ذلك ليس هو البيع الشرعي.

ويجاب عن دعوى النسخ بأنها إنما تصح عند العلم بتأخر الناسخ ولم ينقل ذلك. وعن القياس بأنه فاسد الاعتبار لمصادمته النص، على أن أحاديث الباب أخص من الأدلة القاضية بجواز التوكيل مطلقًا، فيبنى العام على الخاص.

واعلم أنه كما لا يجوز أن يبيع الحاضر للبادي، كذلك لا يجوز أن يشتري له، وبه قال ابن سيرين والنخعي. وعن مالك (١) روايتان، ويدل ذلك ما أخرجه أبو داود (٢) عن أنس بن مالك أنه قال: كان يقال: لا يبع حاضر لباد. وهي كلمة جامعة لا تبع له شيئًا ولا تبتاع له شيئًا.

ولكن في إسناده أبو هلال محمد بن سليم الراسبي (٣)، وقد تكلم فيه غير واحد.

وأخرج أبو عوانة في صحيحه (٤) عن ابن سيرين قال: لقيت أنس بن مالك فقلت: لا يبع حاضر لباد، أنهيتم أن تبيعوا أو تبتاعوا لهم؟ قال: نعم، قال محمد: صدق إنها كلمة جامعة، ويقوي ذلك العلة التي نبه عليها بقوله: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"، فإن ذلك يحصل بشراء من لا خبرة له بالأثمان كما يحصل ببيعه.

وعلى فرض عدم ورود نص يقضي بأن الشراء حكمه حكم البيع، فقد تقرر أن لفظ البيع يطلق على الشراء وأنه مشترك بينهما، كما أن لفظ الشراء يطلق على


(١) الكافي لابن عبد البر (٢/ ٧٣٨، ٧٣٩) وبداية المجتهد (٣/ ٣٢٠ - ٣٢١).
(٢) في سننه رقم (٣٤٤٠) وهو حديث صحيح.
(٣) محمد بن سُلَيم، أبو هلالٍ الراسبي: صدوق فيه لين قاله الحافظ في "التقريب" رقم الترجمة (٥٩٢٣).
(٤) في مسنده (٣/ ٢٧٤ رقم ٤٩٤٥).
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢١، ٢٢/ ١٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>